علو البناء في مكة على رؤس الجبال من علامات قرب قيام الساعة

الجمعة، 1 مايو 2015 | 0 التعليقات

علو البناء في مكة على رؤس الجبال من علامات قرب قيام الساعة


النبي صلى الله عليه وسلم يتنبأ بعلو البناء في مكة في آخر الزمان وانه سوف يعلوا على الجبال أرتفاعا
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( فإذا رأيت مكة قد بعجت كظائم ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال فاعلم أن الأمر قد أظلك ) قد أظلك : أي اقتربت الساعة
تخريج الحديث :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14306) بإسناد لا بأس به
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في إتحاف الجماعة:
ما جاء في عمارة مكة والخروج منها
عن جابر رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخبره: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « سيخرج أهل مكة منها ثم لا يعمرونها (أو: لا تعمر إلا قليلًا)، ثم تعمر وتمتلئ وتبنى، ثم يخرجون منها فلا يعودون إليها أبدًا » .
رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى . قال الهيثمي : "وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح". وعن يوسف بن ماهك؛ قال: "كنت جالسًا مع عبد الله بن عمرو بنالعاص رضي الله عنهما في ناحية المسجد الحرام؛ إذ نظر إلى بيت مشرف على أبي قبيس، فقال: أبيت ذاك ؟ فقلت: نعم. فقال: إذا رأيت بيوتها (يعني: مكة) قد علت أخشبيها، وفجرت بطونها أنهارًا؛ فقد أزف الأمر".
رواه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة"، وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي : وثقه ابن معين، وضعفه أبو داود، وقال ابن عدي : "حسن الحديث"، وقال أبو حاتم : "إمام في الفقه؛ تعرف وتنكر، ليس بذاك القوي، يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقال النسائي : "ليس بالقوي". وبقية رجاله رجال الصحيح.
ويشهد لهذا الأثر ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن يعلى بن عطاء عن أبيه؛ قال: "كنت آخذًا بلجام دابة عبد الله بن عمرو، فقال: إذا رأيت مكة قد بعجت كظائم، ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال؛ فاعلم أن الأمر قد أظلك".
وقد ظهر مصداق هذا الأثر والحديث قبله في زماننا، فعمرت مكة، وبنيت، واتسعت اتساعًا عظيمًا، وامتلأت بالسكان، وعلت بيوتها على أخشبيها، وأجريت مياه العيون في جميع نواحيها؛ فعلم من هذا أن الأمر قد أزف؛ أي: دنا قيام الساعة وقرب.
وقوله: "بعجت كظائم"؛ أي: حفرت قنوات. ذكره ابن الأثير وابن منظور وغيرهما من أهل اللغة.

انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ : نظرة إيمانية

| 0 التعليقات

انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ : نظرة إيمانية


بذرة ثمرة جافة
                في  جولة علمية في أحد الأسواق المركزية لبيع الخضراوات والثمار، نجد العجب العجاب في الأجناس والأنواع والأصناف والأشكال والأحجام والطعوم حيث الأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر والبني والمخطط والصغير والكبير والأملس والخشن ورقيق الجدار وصلب الجدار، إنه عالم عجيب ومعجز من الثمار , والأجمل من رؤيتها في السوق أن ترى تلك الثمار على أشجارها متدلية جميلة معجزة، لذلك أمرنا الله تعالى بتدبر تلك الثمار والنظر إليها نظرة إيمانية علمية فاحصة مدققة متدبرة، نظرة بعيدة عن النظرة الحيوانية المادية لتلك الثمار النباتية قال تعالى: " وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}" (الأنعام/99).
   الثمر كما قال الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن: اسم لكل ما يتطعم من أحمال الشجر، الواحدة ثمرة والجمع: ثمار وثمرات، كقوله تعالى: " وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ" (البقرة/22)، وقوله تعالى: "وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ" (النحل/67)، وقوله: " انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ " (الأنعام/ 99)، وقوله تعالى " وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ " الرعد (3) . وقال: والثمر قيل: هو الثمار، وقيل: هو جمعه ويكنى عنه بالمال المستفاد، انتهى.
   والثمرة في علم النبات: هي التركيب الناتج عن نمو الكيس الجنيني في الزهرة وتضخم المبيض بعد عملية الإخصاب، وقد يشترك التخت في تكوين الثمر كما في نبات التفاح Pyrus malas (النبات العام، أحمد مجاهد وآخرون، ص 627).
   والمعلوم أن الزهرة عادة تتكون من المحيطات غير الأساسية التي لا تشترك اشتراكا مباشرا في عمليتي التلقيح والإخصاب مثل الكأس والتويج , والمحيطات الأساسية التي تشترك في عملية التلقيح والإخصاب وهما أعضاء التذكير وما تنتجه من حبوب لقاح وأعضاء التأنيث وما تحتوي عليه من بويضات مؤنثة. ويتكون عضو التأنيث في الزهرة من المبيض (Ovary) بداخله البويضات المؤنثة والقلم (Style) والمتاع (Stigma).ويتكون عضو التذكير في الزهرة من الخيط والمتك (Anther).
    عندما تسقط حبوب اللقاح الناتجة من متك عضو التذكير على الميسم للنبات الموافق فإن حبة اللقاح تنبت وتعطي أنبوب لقاح يدخل إلى المبيض عبر القلم ويتم التخصيب للبويضات.
    بعد إتمام عملية الإخصاب يبدأ المبيض في تكوين البذور والحبوب والثمار التي تحمل داخلها الصفات الوراثية الخليطة للنبات والناتجة من الجزيئات الوراثية في حبوب اللقاح و المبيض.
   وبذلك تتكون الثمار التي قال الله تعالى فيها " انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ" (الأنعام/ 99)، وبعد النمو للجنين الناتج من عملية الإخصاب واشتراك بعض أجزاء المبيض الأخرى تتكون الثمار الجميلة المتباينة الأشكال والألوان والأحجام والطعوم والروائح والتركيب.
   ووظيفة الثمرة المحافظة على البذور بداخلها ومدها بالغذاء حتى يكتمل نموها، ثم مساعدتها على الانتثار والانتشار، والثمرة عضو ثابت لذلك تستخدم الثمار في التمييز القطعي بين الأجناس والأنواع والأصناف، والفصائل النباتية في عملية التصنيف (النباتات الزهرية، شكري سعد، دار الفكر العربي، ص154).
ثمار نبات أبي المكارم المجنحة

بذور نباتية جافة
وقسم علماء النبات الثمار النباتية إلى عدة أقسام وأنواع فمنها:
   الثمار البسيطة (Simple Fruits): وهي الثمار الناتجة من نضج كربلة واحدة أو عدد من الكرابل الملتحمة مثل ثمار البسلة والطماطم (الكربلة هي عضو التأنيث المكون من أوراق متحورة لعمل عضو التأنيث).
   والثمار المركبة (Composite Fruits): وهي الثمار الناتجة من نضج عدد من الأزهار المتجمعة في نورة مثل ثمار نباتات التوت والفراولة والقشطة.
    وقسم العلماء الثمار البسيطة إلى نوعين هما الثمار البسيطة الجافة (Dry Fruits) والثمار البسيطة الغضة (Fleshy Fruits) .
   وتضم الثمار الجافة العديد من الثمار المنفتحة وغير المنفتحة منها:
   البندقة: (Nut): وهي ثمرة جافة تحتوي على بذرة واحدة، ولها غلاف خشبي ومنها ثمار البندق والبلوط وأبوفروة (الكاستناء).
   البرة (Caryopsis): وفيها يلتحم الجدار الثمري بقصرة البذرة مكونا جدارا واحدا كالقمح والشعير والذرة.
   الجناحية: (Samara): تتركب من كربلة واحدة يمتد غلافها الثمري على هيئة الأجنحة للطيران بها بعيدا عن الشجرة الأم سعيا للرزق والعيش الوفير ومثلها ثمار نبات أبي المكارم Machaerium tipo.
   القرنية (Legume): تتكون من كربة واحدة بها عدد من البذور تتفتح طوليا على امتداد خط الثمرة كما هو الحال في نباتي الفول والفاصوليا، وقد لا تنفتح الثمرة كما هو الحال في ثمار نبات التمر الهندي.
   العلبة (Capsule): تتكون من عدد من الكرابل الملتحمة تتفتح أما بالثقوب كما هو الحال في نبات الخشخاش، وإما تنفتح بالأسنان كالقرنفل.
   وهناك الثمار الغضة (Fleashy Fruits): وفيها يكون الغلاف الثمري أو جزء منه عصيريا شحميا ويتميز جدارها إلى ثلاثة أغلفة الخارجي والمتوسط والشحمي ومنها ثمار المشمش والرمان والقرع والخيار والبلح والعنب والطماطم والبرتقال والموز.
ثمار الطماطم متباينة الألوان والأحجام والأشكال
وتوجد الثمار المركبة(Composite Fruits): وهي تتكون من عدد من الثمار الناتجة عن عدد من الأزهار المتجمعة مثل التوت والأناناس والتين.
   وهناك الثمار الكاذبة (Psudocarps): وهي ثمار يدخل في تركيبها أجزاء أخرى غير المبيض كالتخت والكأس والقلم وهي تعطي أجمل الثمار كالتفاح والشليك (الفراولة) والتوت والتين.
   تحوي الثمار عددا وفيرا من البذور، وتحمل الشجرة الواحدة عددا كبيرا من الثمار وإذا سقطت هذه الثمار وما بها من بذور أسفل الشجرة الأم أو قريبا منها فإنها تتنافس على نفس النوع من الغذاء في التربة وتهلك، وبذلك يصبح التنافس شديدا بينها، ولكن الله سبحانه وتعالى الذي خلق هذه الثمرات وما بداخلها من بذور وأجنة لم يتركها هملا بل هيأ لها العديد من الآليات والوسائل للانتشار والانتثار في أرض الله الواسعة بحثا عن الرزق المقدر لها كما قال تعالى: " قال رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " (طه/50) أي أعطى كل مخلوق هيئته المناسبة لحياته ثم هداه لما يصلح عليه هذه الحياة.
   ومن وسائل الانتثار والانتشار في الثمار: الرياح التي تحملها بأجنحتها إلى مكان بعيد وجعل لبعضها "براشوتات" متوازنة تحمل الثمرة لعشرات الكيلومترات كما هو الحال في نباتي أبي المكارم والجعضيض .وفي نبات كف مريم  Auastatica، وهو نبات صحراوي يحمل أفرعا تحمي الثمار، وفي الجو الجاف تنحني الأفرع نحو الداخل ويتكور النبات كالكرة، التي تحملها الرياح وتدحرجها إلى مسافات بعيدة وأثناء هذا التدحرج تتفتح الثمار وتنتشر منها البذور وتتوزع على طول الطريق ( النباتات الزهرية , شكري سعد, (مرجع سابق) (ص170) ).
   وبعض الثمار والبذور مغطاة بالألياف الزغبية المساعدة على حمل الثمار والبذور بعيدا كما هو الحال في بذور نبات القطن وثمار نبات الجعضيض.
   كما أن لبعض الثمار خطاطيف تتعلق بها في أوبار وأشعار وأصواف الحيوانات وملابس العمال كما هو الحال في نبات الشبيط Xanthiun والبرسيم الحجازي Medicago.
    وبعض الثمار لها جدار يقاوم العصارة المعدية والمعوية للحيوانات التي تتغذى عليها فتمر عبر القناة الهضمية للحيوان من دون موت الجنين وتسقط مع كتلة من فضلاته السمادية الطرية حيث تنبت وتعطي البادرة في المكان البعيد الذي أخرج فيه الحيوان هذه البذور والثمار مع فضلاته.
   ويقوم الإنسان بنقل الثمار والبذور عبر الحدود وبزرعها، ورعايتها ويستغل فوائدها لصالحه.
   وللثمار فوائد عديدة فهي غذاء بها المواد السكرية والدهنية والبروتينية والفيتامينات والأملاح والمعادن والهرمونات، وهي دواء للعديد من الأمراض لاحتوائها على الفيتامينات والمعادن والأملاح والألياف والدواء.
   ويصنع الإنسان غذاءه الأساسي من حبوب القمح والشعير والأرز والذرة والشوفان وبعض الدرنات والجذور والسيقان ومن دون تلك الثمار يموت الإنسان والحيوان والكائنات الحية الدقيقة وتهلك بالمجاعة.
   وينسج الإنسان ألياف بعض الثمار كالقطن ويصنع منها الملابس.
   ويستخدم أوعيتها الخارجية الصلبة في تخزين الغذاء وتخميره ويعجن فيها العجين.
   ومن الثمار يستخرج الإنسان السكريات والكحوليات والأحماض العضوية بالكائنات الحية الدقيقة وسبحان القائل: " وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99} " (الأنعام/99).

أ.د نظمي خليل أبوالعطا موسى
www.nazme.net

مصير الشمس في ضوء القرآن

| 0 التعليقات

مصير الشمس في ضوء القرآن


صورة تخيلية للشمس عندما تصبح عملاقا أحمر
لتبيد كل ما على وجه الأرض.
د. محمد دودح
طبيب وباحث في الاعجاز القرآني
عرض القرآن الكريم لأهوال نهاية العالم في صور بيانية تعكس الحقيقة بتلطف؛ والتي بالكاد أوشكت أن تدركها الفيزياء الفلكية اليوم, وفي قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ الرحمن: 37, المعنى المتبادر أن يُفْسِح جو الأرض والمعهود بالزرقة حين يبدأ في التفسخ والتلاشي عن كتلة حمراء ضخمة ملتهبة تتأجج وتغطي معظم السماء بدلا عن الشمس؛ أشبه في اللون والتضخم بوردة حمراء تتفتح, وفي الالتهاب والسيولة واللمعان والتموج بزيت الدهان وهو يتأجج على النار, ونطالع في التصورات العلمية المتوقعة لمصير الشمس؛ أنها ليست من الضخامة بحيث تنتهي إلى ما يسمى فيزيائيًّا ثقب أسود Black Hole, أو إلى ما يُسمى نجم نيوتروني Neutron Star؛ وإنما تنتفخ وتتحول إلى عملاق أحمر Red Giant من شدة الحرارة, يبلغ قطره من 15 إلى 45 مرة مثل قطر الشمس حاليًّا، ويعادل لمعانه حوالي مائة مرة أو أكثر مثل لمعان الشمس، ويبتلع في طريقه ما يجاوره, والحد الذي يُحدد مصير النجم بعد انفجاره قيمته 1.4 قدر كتلة الشمس (حد تشاندراسيخار), يتحول النجم دونه لقزم أبيض؛ وهذا هو حال الشمس, وفي المقابل يعرض القرآن الكريم لمشاهد تُكْمِل الصورة؛ كإبادة الكواكب وجمع الشمس والقمر وانشقاق الجو لينفتح المشهد على عملاق أحمر ينتفخ من شدة الانفجار ويدفع بألسنة النار في كل صوب مثل وردة حمراء تتفتح أوراقها؛ وكزيت الدهان يتأجج ناثرًا قطرات حارقة, وتقترب الشمس فتطال الأرض وتصهِر كل ما عليها.
صورة تخيلية للشمس في الأعلى عندما تتفجر
وتصبح عملاقا أحمر ووردة حمراء في الأسفل.
وتنفجر الأرض وتطرح ما فيها من أثقال وتتخلى عن كل ما عليها؛ وتُمحى كل مظاهر الحياة, ولا وجود حينئذ لبشر يُشاهد فخلى الوصف من المُشَاهد؛ وفي الختام تنكمش الشمس وتُطوى كلفافة وتُكَوَّر لتصبح قزمًا أبيض White Dwarf ثم تموت, ويمنح السياق فسحة كبيرة لتتصور المخيلة ما لم تُصَرِّح به الكلمات من مشاهد القدرة المفزعة؛ التي أحالت كل العالم خراب!.
وقبل اكتشاف علم الفيزياء الفلكية حديثًا لحياة النجوم ومصيرها خاصة الشمس؛ بذل المفسرون الأعلام الفضلاء (رحمهم الله تعالى جميعًا) غاية جهدهم في تصور تفاصيل حدث رهيب لم يألفه بشر, فانتزعوا وُجُوهًا تكاد تُنَاظر تصور الفيزياء, ويؤخذ من كلامهم الأشبه بالاتفاق ما يعني تحول مشهد السماء المحيطة بالأرض إلى الحمرة والتموج كالزيت من شدة الحرارة, قال المراغي: "(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) أي.. احمر لونها وأذيبت حتى صارت كأنها الزيت", وقال الخطيب: "هذه السماء التي تبدو في لونها الأزرق؛ تأخذ.. لونا ورديا.. أحمر..، و(كالدهان).. هو الشحم حين يُصْهَر", وقال ابن عاشور: "(فَكانَتْ وَرْدَةً) تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ؛ أَيْ كَانَتْ كَوَرْدَةٍ, وَالْوَرْدَةُ وَاحِدَةُ الْوَرْدِ، وَهُوَ زَهْرٌ أَحْمَرُ.. مَشْهُورٌ, وَوَجْهُ الشَّبَهِ.. شِدَّةُ الْحُمْرَةِ", "حِينَ يَنْفَتِحُ بِرْعُومُهَا", "أَيْ يَتَغَيَّرُ لَوْنُ السَّمَاءِ.. فَيَصِيرُ لَوْنُهَا أَحْمَرَ.. "و(الدِّهَانُ).. الزَّيْتِ..؛ تَشْبِيهٌ.. فِي التَّمَوُّجِ وَالْاِضْطِرَابِ", وقال محيي الدين درويش: "التشبيه تمثيلي.. مُرَكَّب.. من.. صورة السماء منشقة, وصورة الوردة, ثم صورة الدهان.. عملت فيه النار فاشتعل", وقال القاسمي: "(أي) كلون الورد الأحمر, (و) كالدهن.. في.. ذوبانه", وقال أسعد حومد: "تَتَصَدَّعُ.. وَيَحْمَرُّ لوْنُها وَتَذُوبُ حَتَّى لَتَصِيرُ وَكَأنَّها الزَّيتُ المُحْتَرِقُ", وقال الزحيلي: "تبددت وصارت كوردة حمراء وذابت"، وقال الشنقيطي: "قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهَا يَصِلُ إِلَيْهَا حُرُّ النَّارِ فَتَحْمَرُّ مِنْ شِدَّةِ الْحَرَارَةِ.., (و) تَذُوبُ وَتَصِيرُ مَائِعَةً، (وهذا) قَدْ أَوْضَحَهُ اللَّهُ.. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى..: (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْل(ِ, وَالْمُهْلُ شَيْءٌ ذَائِبٌ..؛ يُشْبِهُ الْمَاءَ شَدِيدُ الْحَرَارَةِ..، (كما) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ)", "أَمَّا تَشَقُّقُ السَّمَاءِ.. فَقَدْ بَيَّنَهُ جَلَّ وَعَلَا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ.. كَقَوْلِهِ تَعَالَى..: (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ), وَقَوْلِهِ: (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ), وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ), فَقَوْلُهُ فُرِجَتْ أَيْ شُقَّتْ، فَكَانَ فِيهَا فُرُوجٌ أَيْ شُقُوقٌ كَقَوْلِه.. تَعَالَى: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا)"؛ وفيها قرائن على أن السماء المقصودة كانت في الدنيا سقفا محفوظا يحجز بقوة أخطارًا علوية, فتشققت وانشقت وفُرِجَت وصارت أبوابًا ومنافذ لتلك الأخطار, وأصبحت واهية عن دفعها؛ فيستقيم حمل انشقاق السماء على تبدد الجو المحيط بالأرض, قال أحمد حطيبة: "{وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}؛ أي تكشط.. وتزول", وقال سيد قطب: "(وردة كالدهان) وردة حمراء سائلة كالدهان.. (و) الآيات التي وردت في صفة الكون (حينئذٍ).. تشير كلها إلى وقوع دمار كامل.., منها: (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا).., (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ).., (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).., (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ).., (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ)", "فهذه الآيات كلها تنبئ بأن نهاية عالمنا هذا ستكون.. مُرَوِّعَة".
وهكذا ضُرِبَت بالقرآن الأمثال في سالف الزمان من البيئة العربية مهبط الوحي, ولا يغيب التَلَطُّف في البيان لحقائق علمية كشفت معناها الأيام؛ تصديقًا لقوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ. وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ ص: 87و88, وقوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ الأنعام: 67, وقوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ النمل: 93, وتَحَقَّق وعد مؤكد؛ قد أوضح مجاله العلمي قوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ فصلت: 53. 
المراجع:

(1) تفسير المراغي, (2) تفسير الخطيب, (3) تفسير ابن عاشور, (4) تفسير محيي الدين درويش, (5) تفسير القاسمي, (6) تفسير أسعد حومد, (7) تفسير الزحيلي, (8) تفسير الشنقيطي, (9) تفسير أحمد حطيبة, (10) تفسير سيد قطب, (11) الموسوعة العربية العالمية, (12) Encyclopaedia Britannica 2008 Ultimate Reference Suite, (13) Encarta, (14) Wikipedia, (15) الانترنت.

الخلايا الجذعية بينة علمية

| 0 التعليقات


الخلايا الجذعية بينة علمية

د. محمد دودح
يحدث الإخصاب Fertilization في الثلث الخارجي لقناة الرحم Fallopian Tube فتتكون البويضة المخصبة Zygot, وهي أول خلية في حياة الإنسان, وحينئذ يكون الجنين أشبه ما يكون بقطيرة ماء أي نطفة Drop-like embryo, وتتوالى انقسامات الخلايا والجنين في طريقه إلى تجويف الرحم بنفس هيئة النطفة, وبتضاعف عدد الخلايا تتكون كتلة تشبه التوتة فسميت بالجسم التوتي Morula, وكل خلية شاملة القدرة على التخصص بحيث يمكنها أن تعطي جنينا كاملا Totipotent؛ وتلك آلية الأجنة المتماثلة, ويتزايد الانقسام حتى يصل العدد إلى حوالي 50 -100 خلية, ويظهر بها في حدود اليوم الرابع والخامس تجويف فتسمى الكيسة الجذعية أو الأرومية Blasto-cyst, ويظهر بداخل الكيسة الجذعية كتلة داخلية مكونة من حوالي 30 خلية تسمى بكتلة الخلايا الداخلية Inner cell mass, وهي لا تعطي جنينا كاملا لكنها متعددة القدرات على التخصص لأعضاء Pluripotent؛ بحيث يمكنها التميز لخلية أي عضو؛ بينما تتكون المشيمة والأغشية الجنينية من الخلايا الخارجية للكيسة الجذعية.

وفي نهاية الأسبوع الأول من الإخصاب يحدث الانغراس Implantation ويتعلق الجنين بالبطانة الداخلية للرحم, ويتغذي على دم الأم ويستطيل فيصبح كعلقة البرك Leech-like embryo, وتتحول الكتلة الداخلية إلى ثلاث طبقات يتكون منها لاحقا أكثر من 200 نوع من الخلايا المتخصصة لأعضاء الجنين, ومع ابتداء ضربات قلب الجنين في بداية الأسبوع الرابع من الإخصاب تنمو الجهة الظهرية بمعدل أكبر فينحني للأمام وتبدأ أوليات الأعضاء في التشكل كبراعم فتظهر على جسمه انبعاجات وتجاعيد وأخاديد وتبدأ الكتل الظهرية Somites في التشكل؛ فيكون حينئذ أشبه من حيث الشكل بمضغة طعام لاكتها الأسنان, وهي المرحلة التي تتطابق مع وصف الشكل في القرآن الكريم بالجنين الشبيه بمضغةChew-like embryo؛ خلال بيان مراحل تكوين الجنين في عبارات وصفية Descriptive terms تكشف خلق الجنين الإنساني في أطوار بخلاف ما ظل حكرا للتخمينات؛ حتى قيل في بداية عصر المجهر بخلق الإنسان كاملا بهيئة قزم داخل رأس الحوين المنوي بلا أطوار: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ 23المؤمنون: 12-14.
 


وبعد ستة أسابيع من عمر الجنين يبدأ في التحول من هيئة المضغة وتظهر ملامح الهيئة الإنسانية في الظهور شيئا فشيئا, إلى أن تكتمل مع تكون الهيكل Skeleton بتكون أوليات العظام في الأسبوع السابع وكسوتها بالعضلات في الاسبوع الثامن,
الجنين الشبيه بمضغة منحنية عليها علامات الأسنان وانبعاجات وأخاديد نتيجة تكون الأعضاء.
وخلال مرحلة تكون الأعضاء Embryogenesisالتي تنتهي بعد ثمانية أسابيع من الإخصاب تكتمل كل الأعضاء بهيئة أوليات Primordia؛ بتخلق الخلايا غير المتميزة Undifferentiated Cells إلى خلايا متميزة لأعضاءDifferentiated Cells, وتبقى لآخر عمر الإنسان خلايا غير مُخَلَّقَة قادرة على التميز؛ مهمتها تعويض خلايا الأعضاء المتضررة يوميا, وكما أن جذع الشجرة Stem يتفرع إلى أغصان متعددة, تتفرع الخلايا غير المتميزة كذلك إلى أعضاء متعددة لجسم الجنين؛ فسميت باسم الخلايا الجذعية Stem Cells, والمثال تجدد خلايا الدم بتحول الخلايا الجذعية في نخاع العظام إلى خلايا الدم.
والخلاصة أن طور الجنين الشبيه بمضغة تتحول فيه أكثر الخلايا إلى خلايا مُخَلَّقَة أعضاء وتبقى نسبة غير مُخَلَّقَة تنتشر في الأعضاء رصيدًا مُدَّخَرًا طول العمر لترميم وتعويض ما يتلف من خلايا الأعضاء, ويتطابق وصف الجنين الشبيه بمضغة بكون بنيته مُخَلَّقَة وغير مُخَلَّقَة في ذات الوقت على المستوى الخلوي مع وصف القرآن الكريم للجنين الشبيه بمضغة بكون بنيته مُخَلَّقَة وغير مُخَلَّقَة في ذات الوقت؛ بيانًا لعلم الله تعالى وتذكيرًا بعنايته بالإنسان وسبق التقدير بتأهيلات تحفظ عليه حياته: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا﴾ 22الحج: 5, والآية الكريمة صريحة في خص طور الجنين الشبيه بالمضغة بالوصفين (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) دون غيره من الأطوار؛ وهو الطور المتميز بثورة تكوين الأعضاء, وهي صريحة في وصف نفس المضغة بالوصفين معا؛ فلا يمكن التفريق بينهما, فهما وصفان للإنسان المقبل, ومطلعها خطاب للناس يذكرهم بما كانوا عليه وهم أجنة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ).. (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ), فلا يُمكن حمل (غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) على السقط وقد ولدوا وصاروا أهلاً للخطاب.
قال الشنقيطي: "أَمَّا السِّقْطُ؛ فَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.. لِأَنَّ الْمُخَلَّقَةَ وَغَيْرَ الْمُخَلَّقَةِ مِنْ صِفَةِ الْمُضْغَةِ", وقال الرازي: "كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَسَّمَ الْمُضْغَةَ إِلَى قِسْمَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا تَامَّةُ الصُّوَرِ وَالْحَوَاسِّ وَالتَّخَاطِيطِ, وَثَانِيهِمَا النَّاقِصَةُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ.., وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ", وقال الشيخ محمود غريب من علماء الأزهر: "مضغة مخلَّقَة تسير في مسيرة التشكل والتخلق لتصير عينا.. وتصير أُذُناً.., (و)مضغة غير مخلَّقَة؛ مع قدرتها على التخلق والتشكل فإنها لا تتخلق ولا تتشكل, تبقى في الجسم تمثل مخزون الاحتياط, فإذا تآكلت خلية جسدية تقوم الخلايا غير المخلَّقَة بتعويض الجسد ما تآكل منه, وكذلك لحام الكسور من العظام ونسيج الجروح، وكان القدامى من العلماء يفسرون المخلَّقَة بالتي تتشكل جنينا؛ وغير المخلَّقَة السقط.., ولكن هذا التفسير لا يتفق مع الآية الكريمة التي مطلعها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ).. (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ), فالآية خطاب لكلِّ الناس, (و)معلوم أن السقط لا يُخاطب", وقال الشيخ الشعراوي (رحمه الله تعالى): "المضْغة المخلَّقة هي التي يتكّون منها جوارح الإنسان, وغير المخلَّقة تظل احتياطياً لصيانة ما يتلف, فالمخلَّقة هي التي تكوّن الأعضاء, وغير المُخلَّقة هي الرصيد المختزن؛ وبه يعوَّض أيّ عطب في الأعضاء المخلَّقة".
وبدون تعويض عطب ما يهلك من الخلايا وتجديدها يتعرض الإنسان للموت, فكرات الدم مثلا تحتوي على الهيموجلوبين المهم للحياة, وعددها: 4-5 مليون كل مم مكعب, وتتكون في نخاع العظام وعمرها حوالي 125 يوما وتتكسر في الكبد والطحال, وعدد الصفائح الدموية يتراوح بين 250 ألف إلى 500 ألف في كل مم مكعب, ومتوسط عمرها حوالي 5-7 أيام, وبتأثير سوائل الجروح تعمل الصفائح الدموية مع بروتين البلازما (فيبرين fibrin) على وقف النزيف بتكوين الجلطة Clot, وهي وظيفة مهمة لإنقاذ الحياة؛ فقد يؤدي نقص إنتاجها إلى نزف يهدد الحياة, وتوقف الخلايا الجذعية في نخاع العظام Bone Marrow عن إنتاج خلايا الدم والصفائح خطر يهدد الحياة؛ مثلما يحدث في حالة التعرض لجرعات عالية من الإشعاع النووي.
وإلى عهد قريب لم يكن معروفا سوى الخلايا الجذعية التي في نخاع العظام, ولكنها اكتشفت حديثا في أعضاء عديدة وعرف أن مهمتها كذلك ترميم ما يتلف من الخلايا, وقد اكتشفت الخلايا الجذعية في مواضع غير متوقعة مثل لب الأسنان, ويمكنها كأي خلايا غير متخصصة أخرى بالجسم التحول إلى أي نسيج آخر؛ وليس خلايا العضو الذي توجد فيه فحسب, فماذا لو استفحل الأمر بمرض عضوي أصاب مساحة واسعة وأتلفها وتجاوز التدمير قدرتها على الترميم, من هنا نشأت فكرة إعانتها بإنتاج عدد وفير باستنبات الخلايا الجذعية معمليا Stem cell Cultivationفي طبق لزيادة قدرتها على الترميم, وتأكد بالفعل أن الخلايا الجذعية غير المتخصصة تستطيع التحول إلى أي نوع من أنسجة الجسم إذا استنبتت في طبق بالمعمل يحتوى على سائل مغذي, ويُمكن للخلايا الجذعية المستنبتة معمليا أن تعطي خلايا متخصصة كخلايا العضلات وخلايا الدم والخلايا العصبية.
وخلايا الأجنة المستنبتة في أول مراحلها تمتلك قدرة أكبر على التميز, ولم يكن معروفا إلا منذ عهد قريب دور المشيمة في إنتاج خلايا الدم؛ مما يعني أنها والحبل السري مصدر ثري للخلايا الجذعية, ويمكن باستخدام تقنية استزراع خلايا جذعية لإنتاج خلايا عضو محدد ترميم نسيجه التالف؛ كأمراض المخ والقلب والسكر وتعويض طرف مبتور وتضرر النخاع الشوكي والحروق, ونظريا حتى الآن يمكن إحلال عضو كامل تالف بخلايا جذعية مستنبتة معمليا؛ كزراعة خلايا البنكرياس لعلاج مرض السكر بشكل نهائي, وبهذه التقنية لن يكون مرض الزهايمر Alzheimer الناجم عن تلف خلايا المخ عند كبار السن مشكلة مؤرقة, وقد أمكن بالفعل تحويل خلايا جذعية إلى خلايا قلبية لترميم جزء متضرر, ومع التقدم في العمر قد يؤدي التهاب المفاصل إلى تآكل الغضاريف والعجز عن الحركة, ومع نجاح التجارب الأولية قد أعطى العلاج بالخلايا الجذعية من نفس الشخص أملا كبيرا.
وأول من استخدم تقنية زراعة نخاع العظام في الستينيات هو د. دونال توماس Donnall Thomas من جامعة واشنطن, ونال جائزة نوبل عام 1990 لاكتشافه إمكان استخدام الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض, وفي عام 1998 تمكن د. جون جيرهارت John Gearhart من جامعة هوبكنز من استنبات خلايا جذعية مأخوذة من كتلة الخلايا الداخلية لجنين بشري, وفي عام 2007 استنبت د. جيمس طومسون James Thomson وفريقه من جامعة كاليفورنيا خلايا الكتلة الداخلية للحويصلة الجذعية, وتأكد من قدرتها على إنتاج خلايا متخصصة, وفي نهاية عام 2008 نجح فريق طبي في برشلونة برئاسة الإيطالي د. باولو ماشياريني من زراعة جزء من قصبة هوائية تم تكوينه من خلايا جذعية في المعمل, وقد يؤدي مرض انسداد الأوعية Buerger’s disease إلى بتر بعض أجزاء القدم, وفي نهاية عام 2009 أجريت محاولة حقن الخلايا الجذعية المستمدة من نخاع المتطوعين المعرضين للبتر؛ وكانت النتيجة مشجعة, وفي 5 ديسمبر 2011 أعلن د. ريتشارد هارفي Richard Harvey بسيدني إمكان علاج الأزمات القلبية بتنشيط الخلايا الجذعية وزراعتها في موضع الإصابة لتتحول إلى خلايا قلبية, وفي 12 ديسمبر 2011 أعلن كوجي ايتو Koji Eto الأستاذ بجامعة كيوتو باليابان عن إنتاج صفائح دموية للمرة الأولى في العالم باستزراع خلايا جذعيه مأخوذة من شخص بالغ, وأعلن مركز بحوث جامعة تكساس في 6 يناير 2012 أن زراعة خلايا جذعية مأخوذة من نخاع عظام 10 أطفال مصابين بالمخ نتيجة الحوادث آمنة ومشجعة, وفي 7 يناير 2012 اكتشف باحثون في نيويورك خلايا جذعية مخبوءة داخل الطبقة الصبغية للشبكية في العين؛ قد تستخدم لترميمها وعلاج العمى بكل أشكاله.
في ثنايا كلمتين إذن في القرآن الكريم (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ)؛ كنز كبير من المعرفة يكشف العناية بالإنسان قبل مولده, ويدخر إيماءة لثورة مستقبلية قد تلغي طرق العلاج المعتادة اليوم بتقنية؛ لم تكن في حسبان أحد حتى ستينيات القرن الماضي, ولم يكن بوسع بشر يوم نزل القرآن الكريم في القرن السابع الميلادي أن يصف تكوينات مجهرية؛ آية على علمه تعالى وعنايته.
 
Related Refereces:
1. Embryology - History of embryology as a science." Science Encyclopedia. Web. 06 Nov. 2009.
2. Encyclopædia Britannica. 2009. Encyclopædia Britannica Online. 06 Nov. 2009.
3. The Developing Human ( Prof. Keith Moor & Prof. T. Persaud) Edition 6 – 1998.
4. A Scientist's Interpretation of References to Embryology in the Quran (Prof. Keith Moor) Journal of the Islamic Medical Association, 1986: vol.18, Page 15-16.
5. Human Development as Described in the Qur'an and Sunnah, By : Keith L. Moore ; E. Marshall Johnson ; T.V.N Persaud ; Gerald C. Goeringer; Abdul-Majeed Zindani, ; and Mustafa A Ahmed , 1992, ISBN 0-9627236-1-4. Collection of papers that were originally presented in the First International, Conference on Scientific Signs of the Qur'an and Sunnah, held in Islamabad