إعجاز التشريع الإسلامي في مُحاربة الزنا و التحرش الجنسي بالردع و الوقاية

الخميس، 24 أكتوبر 2013 | 0 التعليقات

إعجاز التشريع الإسلامي في مُحاربة الزنا و التحرش الجنسي بالردع و الوقاية


الدكتور محمود نجا
أستاذ في كلية طب المنصورة
ظن كثير من أهل الشهوات في زماننا أنهم أحرار في عقولهم و أجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم, فانطلقت أعيُنهم الحائرة تبحث عن فرائسها كما لو كانت في الغابات, فانتشرت الفواحش من زنا و لواط و سُحاق و تحرشات جنسية ربما وصلت إلي الاغتصاب أو القتل. و في سعيهم للحرام أبغضوا الحلال, فالزواج عندهم مقيد للحريات, و العفة و ستر العورات عندهم رجعية لا تواكب العصر, و لا تستحق العفيفة عندهم إلا القذف في عفتها, و لا فرق بين الرجال و النساء في الملبس أو التصرفات, و لم يعد للمحارم عندهم وزن, و لا احترام للأنساب.
و قد أخبرنا النبي صلي الله عليه و سلم بوقوع و شيوع هذا البلاء العظيم فقال (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) متفق عليه, و قال (والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيرهم يومئذ من يقول : لو واريتها وراء هذا الحائط) رواه أبو يعلى وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح .
و لم يكتفي التشريع الإسلامي بالإخبار عن وقوع هذا البلاء و فقط, بل و كعادته وضع العلاج بشكل مُعجز  يتفوق علي كل تشريعات القانون الوضعي البشري الصنع, و الذي لا يحسن أن يفهم النفس و متطلباتها لأنه ليس بخالقه, و لهذا فقد أردت من هذا البحث الموجز أن أبين كيف صان الإسلام الأعراض من خلال الردع و الوقاية, و كيف تعامل القانون الوضعي مع الأعراض بجهالة أدت إلي مزيد من الإنفلات الجنسي و شيوع الفواحش.
* كيف تعامل القانون الوضعي مع قضية صيانة الأعراض؟
القوانين الوضعية في أغلب البلدان غير الإسلامية تخبطت و أخطأت في تعاملها مع قضية صيانة الأعراض, فمن ناحية تفرض قوانين صارمة لمعاقبة الذين يتحرشون جنسيا قد تصل إلي السجن المؤبد أو الإعدام, و من ناحية أخري لا توجد عقوبات للزناة طالما أن فعل الزنا قد تم برضا الطرفين, و لا توجد عقوبات لمن يشيعون الفاحشة في المجتمع من خلال نشرهم للخلاعة و المجون و العري بكافة الأشكال و في كل أنواع الإعلام المرئي و المقروء و المسموع, حتى تسممت أفكار الناس و امتلأت قلوبهم و عقولهم بنار الشهوة التي دفعت أصحابها إلي عدم الإكتراث بهذه القوانين.
في الغرب نجد أن أهم طرق مكافحة التحرش الجنسي تتمثل في سن القوانين و العقوبات, و إلغاء الفروق بين الجنسين, و إنشاء برامج التوعية التي تعمل علي تعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية للرجل والمرأة, كما هو منشور علي موقع (Stop violence against women) و في الموسوعة القانونية لموقع نولو (Nolo), في مقال بعنوان منع التحرشات الجنسية في العمل (Preventing Sexual Harassment in the Workplace).
و للأسف فإن المجتمعات الإسلامية العربية تبعت المجتمعات الغربية في طريقة تعاملها مع قضية التحرش الجنسي, فصدق فيها حديث النبي صلي الله عليه و سلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم, قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ؟) رواه البخاري.
فعلي سبيل المثال نشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة, جاء فيه ما ملخصه (للمرأة الحق في التمتع، على قدم المساواة مع الرجل، بكل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وفي حماية هذه الحقوق والحريات، ينبغي للدول أن تدين العنف ضد المرأة, و أن تدرج في القوانين المحلية جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل إدارية بحق من يصيبون من النساء بالأضرار بإيقاع العنف عليهن و أن تتخذ جميع التدابير المناسبة لتعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية للرجل والمرأة ، ولإزالة التحيز والممارسات التقليدية وكل الممارسات الأخرى المستندة إلى دونية أي من الجنسين أو تفوقه أو إلى القوالب الجامدة فيما يتعلق بدور الرجل والمرأة).
واضح طبعا في الإعلان السابق أنه لا توجد إشارة من قريب أو من بعيد توجه سلوكيات و ملابس المرأة التي غالبا ما تكون سبب فتنة الرجال و دفعه إلي التحرش بها, كما لا توجد إشارة إلي دور الالتزام بالسلوك الإسلامي المانع للاختلاط في منع التحرش الجنسي, بالإضافة إلي طلب إزالة الفوارق بين الرجل و المرأة ثقافيا, و بذلك تضمن هذه الجمعيات الانفلات الجنسي بالرضا في ظل حماية القانون الذي يعاقب التحرش دون علاج لأسبابه.
و للأسف الشديد فقد خطي القانون المصري أيضا في نفس اتجاه القوانين الغربية التي تجرم التحرش الجنسي بدون وضع ضوابط تحول دون وصول النفس البشرية الضعيفة إلي هذه الجريمة الشنعاء, حيث تم تغليظ عقوبة التحرش الجنسي بالنساء والأطفال والاغتصاب، وصنفت جرائم العنف الأسري ضمن جرائم "البلطجة" ، ورفعت العقوبة في مرسوم أصدره المجلس العسكري في بعض تلك الحالات إلى السجن المؤبد والإعدام.
و من العجيب أنه كلما علت الأصوات في المجتمعات الإسلامية مطالبة بتطبيق الحدود الإسلامية لمحاربة انتشار الفساد, ظهرت العديد من الأصوات المعارضة التي تتهم الحدود الإسلامية بالتخلف و الرجعية و البعد عن روح الحضارة الغربية, و لكن عندما خرج قانون التحرش الجنسي الجديد في مصر إلي النور تعالت هذه الأصوات التي تعارض تطبيق الحدود بقبول هذا القانون الجديد بالتحية و الترحيب, ليس نصرة للإسلام (و الله أعلم بحال القلوب) و لكن لأن الفاحشة التي يريدوا لها أن تشيع بين الناس سوف تكون في حماية القانون, فللمرأة الآن الحق في أن تلبس ما تشاء أو لا تلبس, و للشباب و الفتيات الحق في الخلاعة في الشوارع كيف يشاءون و هم آمنون أن لا احد سوف يتحرش بهم جنسيا و بقوة القانون, و بدلا من أن تنتهك الأعراض بالقوة سوف تنتهك تحت مسمي القبول و الرضا بين الطرفين كما يحدث في المجتمعات الغربية التي تحارب التحرش الجنسي و تبارك كافة أنواع العلاقات الجنسية طالما قامت علي الرضا.
و أرجو ألا يظن احد أنني ضد هذا القانون بل أنا معه قلبا و قالبا, لأنه قبل أن يعود بالنفع علي غيري فسوف أنتفع به قبل غيري, و هذا هو ما تهدف إليه الحدود الإسلامية من حفظ الفرد و الجماعة من طمع الطامعين و إجرام المجرمين, فالذي لا يعلمه الذين صفقوا لهذا القانون و هم يرفضون تطبيق الحدود الإسلامية, أن هذا القانون هو تطبيق لحد من حدود الله و هو حد الحرابة الذي قال فيه تعالي {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة33. و السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هل نجح الغرب بقوانينه الوضعية في القضاء علي التحرش الجنسي حتي نترك ما أمر به ديننا الاسلامي العظيم, و ننساق وراء قوانينهم؟.
* هل عقوبات القانون الوضعي كافية لردع التحرش جنسيا؟
قبل الإجابة علي هذا السؤال من الناحية العلمية أنقل لكم رد أحد شباب الإنترنت ممن سيطبق عليه القانون من الشباب المحروم من الزواج و المحاط بفتن النساء من كل جانب, حيث قال (طبعا قانون جميل بس يا رب ما يكون بمثابة رخصة للبنات تمشي من غير ملابس, إذ لو حصل هذا لأعدموا الشباب كله). و هذا التعليق مع بساطته يلخص وجه التعارض في تعامل القانون الوضعي مع النفس البشرية و هو لا يفهم قوانينها الربانية التي جُبلت عليها, فالقانون الوضعي يضع الناس بين نار العقوبات و نار شيوع الفواحش بلا قانون يردعها, و لا يعرف القانون الوضعي شيء اسمه الوقاية من التحرش الجنسي بمنع شيوع الفواحش بكافة أشكالها, بل علي العكس يقوم علي حمايتها, و قد ذكرني هذا الحال المتعارض للقانون الوضعي بقول القائل (ألقوه في اليم مكتوف الأيادي  و قالوا له إياك إياك أن تبتل بالماء ).
و هذا هو الغرب الذي شجع علي السفور و الاختلاط بدعوي أنه لا فرق بين الرجل و المرأة, يعترف باستحالة القضاء علي التحرشات الجنسية, فيقول كارمودي أستاذ العلوم الاجتماعية و علم الجريمة في مقالة بعنوان منع التحرشات الجنسية من خلال برامج التوعية (Preventing adult sexual violence through education), يقول كارمودي التحرشات الجنسية تزداد و لازالت تحتاج إلي المزيد من الجهد لمنعها, و يقول بالرغم من أهمية القانون في التعامل مع التحرشات الجنسية إلا أنه يبقي أداة عقاب بعد وقوع الجريمة, مما يجعلنا في حاجة شديدة إلي برامج توعية تحول دون وقوع التحرش الجنسي, ثم يقر الكاتب أن برامج التوعية هذه لم تحقق إلا تقدم بسيط و أن الانتكاسات غالبا ما تحدث بمرور الوقت, و أن كثير من الاعتداءات الجنسية تحدث بين أناس يعرفون بعض (ليسوا بأغراب) بسبب فشلهم في التوصل إلي موافقة علي ممارسة علاقة جنسية بالتراضي لغياب برامج التوعية التي تساعد علي ذلك (أي أنه يدعو إلي الزنا بدلا من التحرش).
و لأن هذه التحرشات الجنسية بدأت تخرج عن السيطرة بما يهدد أمن هذه المجتمعات بدرجة كبيرة و يكلفها الأموال الطائلة في سبيل محاربة هذه الظاهرة, و علاج تداعياتها, فقد بدأ البعض في الغرب إلي العودة إلي العلاج الأمثل و هو الفصل بين الجنسين و خصوصا في مراحل التعليم المختلفة.
في مقال نشرته النيويورك تايمز بعنوان فصل البنين عن البنات في التدريس (Teaching Boys and Girls Separately) للكاتبة إليزابيث ويل, ناقشت فكرة الفصل بين الجنسين في التعليم لوجود فروق بيولوجية بين الجنسين, و كيف أدي هذا الفصل إلي تحسن أداء الجنسين, و بالرغم من أن هذه الفكرة مازالت تلقي معارضة شديدة إلا أن الواقع يثبت أنها سوف تتغلب و تنجح برغم المعارضة, فقد أصدرت شعبة التعليم الاتحادية في أمريكا نُظماَ سهلت للولايات و المناطق فتح مدارسها و فصولها الغير مختلطة الخاصة, و بعد أن كان عدد المدارس أحادية الجنس اثنتان فقط في كل الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1995, فقد قفز العدد إلى أكثر من ثلاثمائة و ستين مدرسة منتشرة في طول البلاد و عرضها, و يتوقع الخبراء أن يزيد هذا العدد خلال العام 2008 - 2009 .
و يبدو أن هذا التوقع كان سليما بنسبة 100 %, ففي مقال بعنوان الفصل الفعال بين الجنسين (Gender Segregation: Separate But Effective), تم نشره في عام 2010, يقول بأن عدد المدارس التي تفصل بين الجنسين في الولايات المتحدة الأمريكية قد وصل إلي 550 مدرسة, و ليس هذا فقط بل و أشار إلي أن هذا الفصل بين الجنسين في التعليم قد انتشر أيضا في الأرجنتين و كندا و غيرها الكثير, و إن كان هذا الانتشار مازال مصحوبا بالجدل حول أهميته و فاعليته, بين مؤيد و معارض. و جاءت نتائج اجتماع المنظمة الدولية للتعليم العام الغير مختلط (NASSPE), في المؤتمر الدولي السابع بولاية فلوريدا في عام 2011, ليؤكد علي أن هذا الفصل بين الجنسين في العملية التعليمية يؤدي إلي تحسن ملموس في أداء كلا الجنسين بشرط تحسن أداء المعلم و قدرته علي التعامل مع هذا الفصل بطريقة جيدة.
و مع أن التقارير السابقة لا تريد أن تعترف بأن السبب الرئيسي في فشل التعليم المختلط هو انشغال أحد الجنسين بالآخر و محاولة الإيقاع به إما بالرضا (الزنا) أو الغصب (التحرشات الجنسية), إلا أن تقرير المؤسسة التعليمية في أمريكا للعام 2011 عن التحرشات الجنسية في المدارس (sexual violence in schools is a civil rights violation), يعترف بزيادة الاعتداءات الجنسية في المدارس لدرجة خطيرة تصل إلي واحد لكل عشرة أفراد, و ما خفي كان أعظم لأن أغلب التحرشات الجنسية لا يتم الإبلاغ عنها, و أضف إلي ذلك حالات الزنا التي تتم بكثرة بين طلاب المدارس.
و نأتي إلي قاصمة ظهر المجتمع الغربي الذي يدعو إلي التحرر من قيود الأخلاق, ففي تقرير بعنوان (Teen Pregnancy Statistics) عن نسب الحمل في سن ما دون العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية, يقول التقرير أن حوالي 34 % من البنات يحدث لهن الحمل علي الأقل مرة واحدة دون سن العشرين, و أن حوالي 79 % منهن غير متزوجات, أي أن حملهن جاء من سفاح, إما بالزنا أو نتيجة للتحرشات الجنسية المنتشرة في المدارس و الجامعات. و في تقرير آخر أحدث من السابق في عام 2010 بعنوان (Facts on American Teens’ Sources of Information About Sex), يقول بأن نسب الحمل قبل سن العشرين بدأت تزداد بقوة من بعد العام 2009, و أن حوالي 7 من كل 10 من كلا الجنسين يمارسون الجنس قبل سن 19 سنة (و تزداد النسب في المدارس العليا عن المدارس المتوسطة) .
و عليه فالذين يطالبون بالفصل بين الجنسين في التعليم في الدول الغربية ليس فقط من أجل تحسين أداء الطلاب لاختلافاتهم البيولوجية و لكن أيضا لحماية أبنائهم من طلاب المدارس و الجامعات من الاعتداءات الجنسية التي حتما ستقع بسب الاختلافات البيولوجية التي تقضي بميل أحد الجنسين إلي الآخر, و لحماية البنات من الحمل المبكر خارج إطار الزوجية و ما يتبعه من أعباء جسدية و نفسية و مالية.
و عندما أقول بأن الاعتداءات الجنسية حتما ستقع بين الجنسين بسب الاختلافات البيولوجية التي تقضي بميل أحد الجنسين إلي الآخر, فهذا ليس لكوني أنقل ما يقول الإسلام و فقط (و إن كان يكفينا), بل إن الغرب نفسه بدأ يناقش هذه المسالة بطريقة علمية, ففي مقال بعنوان هل يفكر الرجال في الجنس طوال الوقت (Do Men Think About Sex All the Time), يقول بأن أغلب الرجال بطبيعتهم الوراثية لا يستطيعون الكف عن التفكير في الجنس, و تخبرنا صحيفة التيليجراف أن الرجال يفقدوا عقولهم في وجود نساء جميلات (Men lose their minds speaking to pretty women), و ذلك نقلا عن دراسة علمية منشورة في دورية علمية تسمي (Journal of Experimental and Social Psychology), و خلصت هذه الدراسة إلي أن الرجال ينشغلون بالتفكير في تلك المرأة الجميلة مما يؤثر بالسلب علي أعمالهم, و بالرجوع لهذه الدورية العلمية وجدت هذه الدراسة منشورة تحت عنوان (Interacting with women can impair men’s cognitive functioning), لمن أراد الرجوع إليها (إنظر المراجع).
و في دراسة علمية أجراها جيمس روني من جامعة شيكاجو بعنوان تأثير النظر الي الجنس الآخر (Effects of Visual Exposure to the Opposite Sex), أظهرت هذه الدراسة أن نظر الرجل إلي المرأة يؤدي إلي تغيرات كبيرة في التصرف و المزاج و الشخصية مما يدفع بالرجل إلي مزيد من الاقتراب من المرأة لإقامة علاقة, و أوضحت الدراسة أن هذا التصرف ربما تم دون وعي من صاحبه.
و عليه فهذه الأبحاث تكشف صدق ديننا الداعي إلي غض البصر و البعد عن الاختلاط, كما تكشف كذب و افتراء من يدعون إلي الاختلاط الجنسي بدعوي التحرر و الصداقة, و القدرة علي التحكم في شهواتهم, حيث أن ميل أحد الجنسين إلي الآخر هو من الأمور الجبلية التي زرعها الله في الإنسان للحفاظ علي الجنس الإنساني من خلال التكاثر. كما أن هذه الأبحاث تبين لنا أن القانون الوضعي قد أخطأ في تعامله مع قضية الزنا و التحرشات الجنسية, لأنه شدد في عقوبة المتحرش جنسيا, و أباح السفور و الزنا و الفواحش طالما أنها بالتراضي بين الطرفين, و بدلا من أن يضع حدود فاصلة في التعامل بين الرجل و المرأة, أطلق العنان في اختلاط الرجل بالمرأة بدعوي أنه لا توجد فروق بيولوجية بين الرجل و المرأة, و أن كلا الطرفين لا ينبغي أن ينظر إلي الآخر علي أنه مختلف عنه, و بذلك سهل الطريق للزنا و شجع علي التحرشات الجنسية لأنه وضع البنزين بجوار النار.
فمن السهل أن تفرض القانون و لكن أصعب أن تقود النفوس للانصياع للقانون, فالنفس لها حدود للكبح إذا تجاوزتها صارت كالأسد الجائع الذي لا يمكن كبح جماحه, فالغضب مثلا لو لم نحسن معالجته فانه يدفع صاحبه لا محالة إلي القتل, و كذا الشهوة الجنسية إذا لم نحسن التعامل معها, فهي إما تصل بصاحبها إلي الزنا أو إلي التحرش الجنسي الذي يعتبر من وجهة نظر الإسلام إمتداد طبيعي لتحرك غير طبيعي في شهوات النفس, فالطبيعي هو ما يحدث بين الرجل و امرأته في الحلال, قال تعالي {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} 29 – 31 المعارج, و غير الطبيعي هو ما كان وراء ذلك, فالرجل و المرأة علي السواء إن تحركت الشهوة فيهما يطلب أحدهما الآخر إما بالحلال أو بالحرام, و الحرام قد يكون بالتراضي فيسمي زنا و قد يرفض أحد الطرفين أن يزني مع الآخر, فيسعي الطرف المرفوض في تحقيق غايته بشتى الوسائل التي تعرف باسم التحرشات الجنسية, و لما كان الرجل أقوي من المرأة فقد اشتهر أن التحرشات الجنسية تقع فقط من الرجل تجاه المرأة, و لكن الإسلام يفضح النفوس الخبيثة و يبين أن المرأة أيضا قد تمارس التحرش الجنسي إذا امتلكت المنصب و الجمال, فبحكم جمالها و من خلال منصبها تدعوه إلي الزنا فان أبي تسلطت عليه بمنصبها, و يذكر لنا القرآن الكريم أشهر قصة تحرش جنسي في التاريخ تمارسها امرأة علي رجل و هي قصة امرأة العزيز مع نبي الله يوسف عليه السلام التي راودته عن نفسها بجمالها {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون} يوسف23, فلما رفض أن يطاوعها في شهوتها و يزني بها, مارست سلطتها عليه متحرشة به بقوة السلطة {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ} يوسف32.
و مع كل هذه الحقائق البينات نجد أن هناك أُناسا من بيننا يطالبون بتحرر المرأة و مساواتها بالرجل مع عدم الفصل بين الجنسين في كافة مناحي الحياة من تعليم و عمل و مواصلات و أفراح و مآتم و غيرها, و ذلك بدعوي أن هذا الاختلاط لا يؤدي إلي الإثارة الجنسية فكلاهما قادر علي التعامل مع الآخر كصديق, و هم بذلك يزعمون أن ما جاء به الإسلام غير صحيح و أنه لا يفهم مكنون النفس البشرية, و لو قلت لبعضهم إن وضع إناء البنزين بقرب النار ليس سبباً طبيعياً للاشتعال، لاتهمك في عقلك أو رماك بالجهل الفاضح والمكابرة والإنكار لبعض مقتضيات الطبيعة، ومع ذلك يصر على أن خلط النساء بالرجال لا يقتضي إشاعة الفاحشة ولا استعار الشهوات! مع أن الميل بين الجنسين طبيعة أودعها الله سائر الثقلين وأنواع الحيوانات، وجعلها من القوة بمكان يناط به بقاء الأجناس الحيوانية والبشرية على ظهر البسيطة.
* إعجاز التشريع الإسلامي في محاربة الزنا و التحرش الجنسي
الإسلام دين كل زمان و مكان لأنه من الله العليم الخبير الذي يعرف النفس البشرية حق المعرفة لأنه خالقها و بالتالي يعرف ما يصلحها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14, فالقانون الرباني ينظر للمشكلة بنظرة شاملة, فكان له مع حماية الأعراض شأن آخر يقوم علي فهم طبيعة و احتياجات النفس البشرية, قال تعالي {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14, و الشهوة في ذاتها ليست خطأ بل هي جبلة في الإنسان, و لكن حب الشهوة و تزيينها للعقل هو الخطأ, و ليس أعظم في تزيينها و تأجيجها في النفوس من الاختلاط الذي يحرك الشهوات الكامنة. نجد أن الإسلام تعامل مع هذه المشكلة بالترهيب من العقوبة المشددة, و بالوقاية من خلال التربية الإسلامية الصحيحة التي تقنن الشهوة و لا تكبتها, فتشجع علي الزواج و تمنع العلاقات الجنسية غير المشروعة و ما يؤدي إليها .
أولاً: العقوبات الرادعة
بدأ الإسلام بفرض العقوبات المشددة لمنع الزنا و التحرشات الجنسية, فمن اللافت للنظر أن سورة النور في حربها علي الفاحشة لم تبدأ ببيان فضل العفاف وذكر محاسنه والتنفير من ضده، بل ولم تخوف الزاني بعقاب الآخرة، و لكن بدأت ببيان عقوبات الزناة و خوض الألسنة في أعراض المحصنات و الذين يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا, فقال تعالي في عقوبة الزناة (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كل واحد منهما مائة جلدة) ، مع المبالغة في التنكيل بهم (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ), و التشهير بهم (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ), و منعهم من زواج أهل العفة (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ), وقال تعالي في عقوبة خوض اللسان في الفواحش و قذف المحصنات (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ), و قال الله في عقوبة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) 19 النور.
فإن قيل فأين التخويف بعذاب الآخرة بدلا من شدة العقوبة في الدنيا ؟ فالجواب أنه قد جاء كثيرا في ثنايا السورة و في غيرها، و لكن الفاحشة إذا فارت في القلب طغت على نور العقل, فقلما يردعها تذكر الآخرة إلا عند عباد الله المخلصين ، بينما الخوف من الجلد والفضيحة والخوف من نبذ المجتمع ينزع الله به مالا ينزع بالقرآن.
ثم جعل الله حد الحرابة لمعاقبة كل من سولت له نفسه سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل, و التحرش بالنساء يتضمّن إفسادًا في الأرض ، بحسبانه متضمنًا قطع الطريق علي المتحرَّش بها، أو إلجائها إلي الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره ، أو إجبارها علي الرضوخ له بطريقة أو أخرى ، وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده ، وذلك يكوِّن جريمة حرابة متكاملة الأركان، ولذا فإنه يرد في حق المتحرشين بالنساء العقوبتان الدنيوية والأخروية الواردتان في قول الله تعالي{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } 33 المائدة، و ذلك لقطع دابر هذه الجريمة من المجتمع.
ثانياً: الوقاية من خلال تربية النفوس علي العفة
بعد أن بين الله كيف نطهر المجتمع من الفواحش بتطبيق العقوبات المشددة, انتقلت الشريعة الإسلامية إلي المرحلة التالية من إشاعة نور العفة بين الناس لكي تحول بينهم و بين الوقوع في الشهوات و العقوبات, فدعت إلي تخفيف نار الشهوة في النفوس بنهيها عن إتباع خطوات الشيطان التي تأمر بالفاحشة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) 21 النور, ثم بين الله أهمية غض البصر و أهميته في كبح جماح الشهوة و حفظ الفروج للرجال و النساء {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }النور30, {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}النور31, و حث علي ستر المرأة لزينتها حتى لا يفتن بها الرجال {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}النور31, و في مقابل كف النفس عن إشباع الغريزة الجنسية بالحرام, شجع المولي تبارك و تعالي علي تيسير الزواج الحلال حتى لا يحدث كبت نفسي قد يؤدي إلي انفجار غير محسوب فقال تعالي {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }النور32, و أمر بالعفاف في غير وجود الزواج {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}النور33, و جاء الحبيب صلي الله عليه و سلم بالدواء المعين علي الاستعفاف فقال صلي الله عليه و سلم عن علاج الشهوة بالصوم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري و مسلم.
و لأن الاختلاط بين الرجال و النساء يؤجج نار الشهوة و يؤدي إلي ما لا تحمد عقباه, فقد حرص شرعنا الحنيف علي منع الاختلاط بين الجنسين, قال تعالي {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} 53 الأحزاب, فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال، وعدم الاختلاط لاسيما في دور العلم, حرصا علي طهارة قلوب الرجال و النساء, و قال تعالي {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْـجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} 33 الأحزاب ، فأمرهن بالقرار، ثم منعهن من الخروج غير متحجبات، ومع قرارهن في البيوت منع رسول الله الله صلى الله عليه وسلم الرجال الأجانب من الدخول عليهن فقال (إياكم والدخول على النساء، فلما قيل له: الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه، وهذا يدل على أن الأمر بالقرار ليس خاصاً بنساء النبي الله صلى الله عليه وسلم. بل و نهي الشرع عن خلو الرجل بالمرأة, فقال صلي الله عليه و سلم (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) رواه البخاري و مسلم.
و لعل البعض يتهم الإسلام بأنه يحمل المرأة أكثر من الرجل في قضايا الزنا و التحرش الجنسي بحجة أن المرأة هي التي دفعته بزينتها و تبرجها إلي فعل التحرش, فأقول كلا و ألف كلا, لأن المرأة إن خالفت ربها بإظهار زينتها و تبرجها, فلا ينبغي أبدا للرجل أن يطلق بصره فيصيب من هذه و تلك حتى تتمكن الشهوة من قلبه فتدفعه إما إلي الزنا أو إلي التحرش الجنسي, و معلوم من القرآن أن الله عاقب الزانية و الزاني بنفس العقاب بالرغم من أن الله قدم الزانية علي الزاني {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}النور2, فجعل الله عقوبة الاثنين واحدة, و قدم ذكر الزانية ليلفت الانتباه إلي أن المرأة بزينتها و تبرجها و جمالها الذي جبلت عليه أكثر إثارة و لفتا لانتباه الرجل, أكثر من تأثر المرأة بالرجل. و ساوي الله عقوبة الزاني بالزانية لأنه خالف أمر الله له بغض البصر, حيث قدم الله الأمر بغض البصر للرجال علي النساء لكون الرجل يفتن بالمرأة أكثر ما تفتن النساء بالرجال, فحمي الله النساء من الرجال بغض البصر {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}النور30, و حمي الله الرجال من النساء بغض البصر و إخفاء الزينة {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}النور31 , فسبحان الله العليم بأحوال النفوس و بما يصلحها {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }فاطر14.
فلو كان الإغراء هو أساس وقوع الزنا فقط لخفف الله العقوبة علي الزاني و لشدد العقوبة علي الزانية, و لكن لأن الإسلام تعامل مع هذه الحالات قبل ارتكاب الجريمة من خلال تهذيب النفس لمقاومة الإغراء مهما كان حجمه, فإذا كانت النفس قد استجابت للتهذيب الديني, فليس هناك إغراء يؤثر فيها. فالنفس قد تغري الفرد بالنظر إلي الكاسيات العاريات إلا أن قوة الإرادة التي ربّتها الشريعة الإسلامية في نفس المؤمن تدفعه إلي غض البصر, فإذا خالف و نظر كان مخالفا للشريعة قبل أن يؤثر فيه الإغراء, و لذا يتساوي مع الزانية في العقوبة على الرغم من تقديم الزانية على الزاني في الترتيب اللفظي, الذي ربما أراد منه القرآن حث المجتمع على ملاحظة دور الإغراء في ارتكاب مثل تلك المخالفات الشرعية .
 

أكتشافات مذهلة تثبت صدق النبي محمد؟؟؟

| 0 التعليقات

أكتشافات مذهلة تثبت صدق النبي محمد؟؟؟




 
صورة للتوراة
بقلم الأستاذ هشام طلبة
الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
قال تعالى: (مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىَ عَلَىَ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)[الفتح 29].
قبل أن نخوض فى المثلين يستلفت نظرنا المصطلح الذى عبر عن الدولة الإلهية(مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ) فهذا المصطلح استعمل فى كتب اليهود القديمة. على سبيل المثال, كتاب عزرا الرابع (4:28) (المسيا ... (الذين معه ), بل فى إنجيل متى (31:25) : " وإذا جاء ابن الإنسان فى مجده تواكبه جميع الملائكة" (أى أتباعه الملائكيين), وهو نفس المصطلح المستخدم فى نبوءة
 (تثنية33:2):" ومعه عشرات الألوف من الملائكة " , كذلك فى كتاب "الزندافتسا" المقدس عند الزرادشتية (المجوس) نجد دائما كلاما كثيرا عن "النبى المنتظر ورفاقه"..” Soshyos And his Companions. ـ(1)
تتكلم الآية السابقة عن مثلين للنبى (صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه (الدولة الإلهية) يتحدى الله بوجودهما فى كتب السابقين :التوراة والإنجيل.
أما المثل الأول فنجده بالفعل فى كتاب من كتب التوراة (العهد القديم) ألا وهو المزمور (149) فى نبوءة عن أتباع المسيح المنتظر (باتفاق مفسرى الكتاب المقدس) "ليسبحوا اسمه بالرقص ليرنموا له على عزف الدف والعود(2) : الرب يسر بشعبه, يجمل الودعاء بالخلاص ليبتهج الأتقياء بهذا المجد .
يرنمون على أسرتهم (3) . ليهتفوا مسبحين الرب ملئ أفواههم وليتقلدوا بسيف ذى حدين فى أيديهم , لتنفيذ الإنتقام فى الأمم , ومعاقبة الشعوب "(3:149-7) أولئك "المسبحين الرب ملئ أفواههم " وفى نفس الوقت" يتقلدون بسيف ذى حدين "(4) هم "الأشداء على الكفار" وفى نفس الوقت "رحماء(5) بينهم تراهم ركعًا سجدًا " .
أما المثل الثانى فى الآية القرآنية السابقة (وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) فكنا نرى مثلا قريباً منه في أناجيل متى ومرقص ولوقا, ألا وهو مثل بذرة الخردل,"و قال الرب: ماذا يشبه ملكوت الله (6) ؟ و بماذا أشبهه؟ اٍنه يشبه بذرة خردل أخذها إنسان وألقاها في بستانه, فنبتت وصارت شجرة عظيمة, وآوت طيور السماء في أغصانها" (لوقا 13:18,19).
كتاب باللغة الإنكليزية يتكلم عن مكتبة نجع حمادي المكتشفة في الصعيد والتي دفنت في القرن الرابع الميلادي وتتبع طائفة الغنوص المسيحية المنقرضة
·        أما الآن و بعد اكتشاف مخطوطات نجع حمادي عـام 1945م (مخطوطات نجع حمادى دفنت فى القرن الرابع الميلادى وتتبع طائفة الغنوص المسيحية المنقرضة )(7).
فقد وجدنا في إحدى تلك المخطوطات تشبيهاً يكاد يتطابق مع المثل القرأني. تلك المخطوطة هي "رسالة جيمس السرية" The Apocryphon Of James  ـ (8) (حيث يشبه المؤلف مملكة السماء-و هي دولة المسيح المنتظر, يشبهها بنخلة خرج منها برعم (شطأ-فراخ)ثم تدلي من هذا البرعم ثمار حوله, وأخرجت هذه الثمار ورقاً.و حين شبت استغلظت هذه الثمار تسببت في جفاف منبعها. و أصبحت هذه الثمار (الخارجة من البرعم) مع تلك الخارجة من الشجرة الأصلية.
 “Do not allow the kingdom of heaven to wither; for it is like a palm shoot whose fruit has dropped down around it . they (I.E, the fallen fruits) put forth leaves, and after they had sprouted , they caused their womb to dry up. So it is also with the fruit which had grown from this single root.
يختلف هذا التشبيه عن مثل حبة الخردل في أنه بدأ بالزرع (الشجرة) كما بدأ المثل القرأني و لم يبدأ ببذرة. كما أنه يذكر الشطأ (البرعم) و قد ذكر الكتاب (رسالة جيمس السرية) أمثلة أخرى لملكوت السماء عدا مثل "برعم الشجرة", وعد منها مثل الحبة أى أن الكتاب فرق تماماً بين المثلين.

لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابِقَ

| 0 التعليقات

لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابِقَ



موقع قرية دابق (صورة بالاقمار الصناعية)
إعداد اخوكم فراس نور الحق
المشرف على موقع موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة
7873- (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:«لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق - أو بدابِقَ - فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا ، قالت الروم : خلوا بينا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون : لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ؟فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتَل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا ، فيفتَتحِون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سُيوفَهُهْم بالزيتون ،إذ صاح فيهم الشيطان : إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون ، وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبيناهم يُعِدِّون القتال ، يُسَوُّون صفوفَهم ، إذا أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم ، فأمَّهم ، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لا نزاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده -يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته ». أخرجه مسلم.
شرح الحديث : شرح النووي:
‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَنْزِل الرُّوم بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ ) ‏
‏الْأَعْمَاق بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة , وَدَابِق بِكَسْرِ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَفَتْحهَا , وَالْكَسْر هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور , وَلَمْ يَذْكُر الْجُمْهُور غَيْره , وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمَشَارِق الْفَتْح , وَلَمْ يَذْكُر غَيْره , وَهُوَ اِسْم مَوْضِع مَعْرُوف. قَالَ الْجَوْهَرِيّ : الْأَغْلَب عَلَيْهِ التَّذْكِير وَالصَّرْف لِأَنَّهُ فِي الْأَصْل اِسْم نَهْر. قَالَ : وَقَدْ يُؤَنَّث , وَلَا يُصْرَف.
وَ ( الْأَعْمَاق وَدَابِق )   قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: " وَ ( الْأَعْمَاق وَدَابِق ) مَوْضِعَانِ بِالشَّامِ بِقُرْبِ حَلَب ".
‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَتْ الرُّوم خَلُّوا بَيْننَا وَبَيْن الَّذِينَ سُبُوا مِنَّا ) ‏
‏رُوِيَ ( سُبُوا ) عَلَى وَجْهَيْنِ : فَتْح السِّين وَالْبَاء , وَضَمّهمَا. ‏
‏قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِق : الضَّمّ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ. قَالَ : وَهُوَ الصَّوَاب. ‏
‏قُلْت : كِلَاهُمَا صَوَاب , لِأَنَّهُمْ سُبُوا أَوَّلًا , ثُمَّ سَبَوْا الْكُفَّار , وَهَذَا مَوْجُود فِي زَمَاننَا , بَلْ مُعْظَم عَسَاكِر الْإِسْلَام فِي بِلَاد الشَّام وَمِصْر سُبُوا , ثُمَّ هُمْ الْيَوْم بِحَمْدِ اللَّه يَسْبُونَ الْكُفَّار , وَقَدْ سَبَوْهُمْ فِي زَمَاننَا مِرَارًا كَثِيرَة , يَسْبُونَ فِي الْمَرَّة الْوَاحِدَة مِنْ الْكُفَّار أُلُوفًا , وَلِلَّهِ الْحَمْد عَلَى إِظْهَار الْإِسْلَام وَإِعْزَازه. ‏
‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَنْهَزِم ثُلُث لَا يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ ) ‏
‏أَيْ لَا يُلْهِمهُمْ التَّوْبَة. ‏
‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّة ) ‏
‏هِيَ بِضَمِّ الْقَاف وَإِسْكَان السِّين وَضَمّ الطَّاء الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة وَبَعْدهَا يَاء سَاكِنَة ثُمَّ نُون , هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ , وَهُوَ الْمَشْهُور , وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِق عَنْ الْمُتْقِنِينَ وَالْأَكْثَرِينَ , وَعَنْ بَعْضهمْ زِيَادَة يَاء مُشَدَّدَة بَعْد النُّون , وَهِيَ مَدِينَة مَشْهُورَة مِنْ أَعْظَم مَدَائِن الرُّوم. ‏

دابق
 قرية دابق من القرى التاريخية التابعة لناحية اخترين وهي تقع شمال مدينة حلب على مساقة 45 كم وتبعد عن الحدود التركية حوالي 15 كم تقريباً وتتبع لمنطقة أعزاز، نزل بها الخليفة سليمان بن عبد الملك عندما أرسل أخاه مسلمة بن عبد الملك لفتح القسطنطينية وتوفي فيها. خلفه فيها الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز قبل أن يتوجه إلى حمس. يوجد فيها قبر سليمان بن عبد الملك والتابعي عبد الله بن مسافع. وقعت فيها معركة عظيمة بين العثمانيين بقيادة سليم الأول والمماليك بقيادة قنصوه الغوري عام 1516. انتصر فيها العثمانيون ومنها دخلوا الوطن العربي حيث دام حكمهم له أكثر من 500 عام. تقع على سهل واسع وخصيب وتشتهر بالزراعة وخصوصاً الحبوب. سكان قرية دابق من قبيلة النعيم.
الأعماق:
الأعماق هو موضع معروف أيضاً من أعمال أنطاكيا، وهو اليوم داخل الحدود التركية وهناك بحيرة معروفة تسمى بحيرة العمق.
 
فوائد وتاملات وتعليقات حول الحديث الشريف:
  • يتنبأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام حرب بين المسلمين والروم في آخر الزمان في منطقة قرب حلب اسمها دابق أو الاعماق ولو شاهدنا صور دابق من الاقمار الصناعية نجدها من أفضل الاماكن لقيام معارك لاسباب عدة منها :
  • دابق تقع في سهل واسع منبسط لا يحتوي على جبال ولا وديان وهو من أنسب الاماكن لمعارك كبيرة وفاصلة .
  • دابق تقع قريبة من البحر البحر المتوسط وانا اتوقع انه سوف يكون هناك أنزال بحري للروم اثناء غزوهم للشام.
  • لم يذكر الحديث سوى الروم وانا اتوقع انه سوف تزول و تضمحل امريكيا في آخر الزمان ربما بكارثة طبيعية كما حدث بقوم عاد ويصبح هناك ما يسمى أتحاد الروم أو دولة الروم أي أوربا حاليا والله اعلم.
  • يشير الحديث إلى فتح القسطنطينية بعد هذه الملحمة الهائلة وهذا دليل اكيد أن القسطنطينية سوف يتم احتلالها وما حولها وهي تركيا حاليا في آخر زمان من قبل الروم لان نزول الروم في دابق لم يتم بعد.
  • يشير الحديث انه سوف يسلم الكثير من الروم ويعيشوا مع المسلمين في الشام أو يتم سبيهم من الروم ويشهرون اسلامهم ثم يقاتلون مع المسلمين ضد الروم (قالت الروم : خلوا بينا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون : لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا ).
  • تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بوجود قرية دابق انا أراه في رأيي الشخصي اعجاز كبير لانها قرية صغيرة في شمال حلب كثير من اهل حلب لم يسمعوا بها في هذا العصر على الرغم من التكنلوجيا والمعلومات فكيف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة وهو الذي لم يأتي إلى حلب في حياته فمن اخبره بهذا الخبر .
  • يشير الحديث إلى انه سوف يكون للشام في آخر الزمان شأن كبير فيها يقتل الدجال وفيها ينزل المسيح عيسى بن مريم وفيها ينتصر المسلمون على الروم.
  • الحديث يشير إلى ان القتال سوف يكون آخر الزمان بالسيف وهذا دليل على ان الحضارة والتكلنوجيا الحديثة سوف تضمحل وتزول ويعود الناس إلى الخيل والسيف بعد نضوب النفط الذي يقدر العلماء انه خلال الخمسين السنة القادمة سوف ينضب بشكل كامل كما ان العالم الان يتجه إلى الابتعاد عن الطاقة النووية لما لها من مخاطر هائلة على الناس والبيئة في حال الكوارث وأكبر مثال حاليا هو كارثة اليابان،  كما ان المفاعلات النووية تكلف مبالغ هائلة و كمية اليورانيوم ايضا قليلة وسوف تنضب خلال فترة قريبة أما الطاقة الشمسية فتكاليف تصنيع الخلايا الشمسية مكلفة مقارنة مع استخراج النفط .
  • يشير الحديث إلى أن خيار أهل الارض سوف يجتمعون في المدينة المنورة في آخر الزمان (أرجو الله تعالى ان يجعلنا جميعا من سكانها ) ويخرجون منها مجاهدين إلى الشام للقاء الروم في دابق ويكون النصر على أيديهم.
  • الحديث يشير إلى أن النصر ياتي من المجاهدين المخلصين الذي هم من خيار الناس.
  • يشير الحديث إلى انه سوف يكون هناك زراعة للزيتون في دابق آخر الزمان فقد اشار الحديث إلى تعليق السيوف بالزيتون.
  • دابق تقع في مكان يفصل بين الشرق الاسلامي والغرب الرومي النصراني وهي مكان المواجهة في آخر الزمان.
هذه التاملات التي خطرت على بالي احببت أن يطلع عليها الاخوة القراء وارحب بكل تعليقاتكم واضافاتكم على المقال.
وإليكم بعض الصور لقرية دابق صور بعضها بالاقمار الصناعية

القرار المكين

| 0 التعليقات



القرار المكين



قال تعالى: ( ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكينٍ إلى قدرٍ معلوم فقدرنا فنعم القادرين ويلٌ يومئذ للمكذبين ). المرسلات 20 ـ 24
بهذا الأسلوب المعجز يشير تعالى إلى حقيقتين علميتين ثابتتين ليس في علم الأجنة ف
قط، وإنما في علم التشريح و الغريزة أيضاً الحقيقة الأولى: هي وصف الآيات للرحم بالقرار المكين و الحقيقة الثانية: إشارة إلى عمر الحمل الثابت تقريباً، أو ما أسماه القرآن: القدر المعلوم، و كأني بالقرآن الكريم، يدعوهم للبحث و التأمل لما تحتويان من الأسرار كما سنرى في تفصيلنا لهما،إن شاء الله
ـ القرار المكين: قال تعالى: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون 12 ـ 13
نطفة.نطفة ضعيفة لا ترى إلا بعد تكبيرها مئات المرات، جعلها الله في هذا القرار،فتكاثرت و تخلقت حتى أعطت هذا البناء العظيم،و خلال هذه المرحلة كانت تنعم بكل ما تتطلبه من الغذاء و الماء و الأوكسجين، في مسكن أمين و منيع و مريح، و تحت حماية مشددة من أي طارئ داخلي أو خارجي حقاً إن هذا الرحم لقرار مكين
القصة شيقة و ممتعة لا يملك من يطالعها إلا أن يسبح الخالق العظيم،و هو يرى تعاضد الآليات المختلفة: التشريحية،و الهرمونية،و الميكانيكية،و تبادلها في كل مرحلة من مراحل تطور الجنين، لتجعل من الرحم دائماً قراراً مكيناً
فتشريحياً:
1 ـ يقع الرحم في الحوض بين المثانة من الأمام و المستقيم من الخلف،و تتألف من ثلاثة أقسام تشريحية هي: الجسم و العنق و المنطقة الواصلة بينهما و تسمى المضيق
2 ـ يحيط بالرحم جدار عظمي قوي جداً، يسمى الحوض، و يتألف الحوض من مجموعة عظام سميكة هي العجز و العصعص من الخلف، و العظمين الحرقفين من الجانبين و يمتدان ليلتحمان في الأمام على شكل عظم العانة،هذا البناء العظمي المتين لا يقوم بحماية الرحم من الرضوض و الضغط الخارجية من الجوانب كافة فحسب، و إنما يطلب منه أن يكون بناءا و ترتيبا تشريحيا يرضى عنه الجنين، بحيث يكون ملائماً لنموه،متناسباً مع حجمه و شكله،و أن يسمح له عندما يكتمل نموه و يكبر آلاف المرات بالخروج و المرور عبر الفتحة السفلية إلى عالم النور،و بشكل سهل فأي اضطراب في شكل الحوض أو حجمه قد يجعل الولادة صعبة أو مستحيلة،و عندها يلزم شق البطن لاستخراج الوليد بعملية جراحية تسمى القيصرية
3 ـ أربطة الرحم: هناك أربطة تمتد من أجزاء الرحم المختلفة لترتبط بعظام الحوض أو جدار البطن تسمى الأربطة الرحمية تقوم بحمل الرحم،و تحافظ على وضعيته الخاصة الملائمة للحمل و الوضع، حيث يكون كهرم مقلوب، قاعدته في الأعلى و قمته في الأسفل، و ينثني جسمه على عنقه بزاوية خفيفة إلى الأمام، كما تمنع الرحم من الانقلاب إلى الخلف أو الأمام،و من الهبوط للأسفل بعد أن يزيد وزنه آلاف المرات
هذه الأربطة هي: الرباطان المدوران،و الرباطان العرضيان،و أربطة العنق الأمامية و الخلفية و لندرك أهمية هذه الأربطة، يكفي أن نعلم أنها تحمل الرحم التي يزداد وزنه من (50) إ قبل الحمل إلى (5325) إ مع ما تحويه من محصول الحمل و أن انقلاب الرحم إلى الخلف قبل الحمل قد يؤدي للعقم لعدم إمكان النطاف من المرور إلى الرحم، و إذا حصل الانقلاب بعد بدء الحمل فقد يؤدي للإسقاط
و هرمونياً: يكون الجنين في حماية من تقلصات الرحم القوية، التي يمكن أن تؤدي لموته، أو لفظه خارجاً، و ذلك بارتفاع عتبة التقلص لألياف العضلة الرحمية بسبب ارتفاع نسبة هرمون البروجسترون الذي هو أحد أعضاء لجنة التوازن الهرموني أثناء الحمل و التي تتألف من:
1 ـ المنميات التناسلية: كمشرف
2 ـ هرمون الجريبين كعضو يقوم بالعمل مباشر
3 ـ هرمون البروجسترون كعضو يقوم بالعمل مباشرة تتعاون هذه اللجنة و تتشاور لتؤمن للجنين الأمن و الاستقرار في حصنه المنيع، فلنستمع إلى قصتها بإيجاز:
ما إن تعشعش البيضة في الرحم حتى ترسل الزغابات الكوريونية إلى الجسم الأصغر في المبيض رسولاً يدعى المنميات التناسلية تخبره بأن البيضة بدأت التعشيش،و تطلب منه أن يوعز للرحم أن يقوم بما عليه من حسن الضيافة
وفعلاً يقوم الهرمون بالتأثير المباشر على الدم ليقوم بتأمين متطلبات محصول الحمل، كما أن للهرمون و اللوتئين ( البروجسترون )، كما ذكرنا، الفضل في رفع عتبة تقلص العضلات الرحمية، فلا تتقلص إلا تقلصات خفيفة تفيد في تعديل وضعية الجنين داخل الرحم و في الشهر الثالث يبدأ الجسم الأصفر يعلن عن اعتذاره عن الاستمرار في تقديم هذه الهرمونات،و يميل للضمور، و في هذا الوقت تأخذ المشيمة ـ التي تكون قد تكونت ـ على عاتقها أمر تزويد الحمل بمتطلباته المتزايدة من الهرمونات حتى نهاية الحمل
وهكذا نجد لغة التفاهم و التعاون ظاهرة في هذه اللجنة الهرمونية و الجهات التي تصدر عنها
المرجع مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق.
قال تعالى: ( ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكينٍ إلى قدرٍ معلوم فقدرنا فنعم القادرين ويلٌ يومئذ للمكذبين ). المرسلات 20 ـ 24
بهذا الأسلوب المعجز يشير تعالى إلى حقيقتين علميتين ثابتتين ليس في علم الأجنة ف
قط، وإنما في علم التشريح و الغريزة أيضاً الحقيقة الأولى: هي وصف الآيات للرحم بالقرار المكين و الحقيقة الثانية: إشارة إلى عمر الحمل الثابت تقريباً، أو ما أسماه القرآن: القدر المعلوم، و كأني بالقرآن الكريم، يدعوهم للبحث و التأمل لما تحتويان من الأسرار كما سنرى في تفصيلنا لهما،إن شاء الله
ـ القرار المكين: قال تعالى: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون 12 ـ 13
نطفة.نطفة ضعيفة لا ترى إلا بعد تكبيرها مئات المرات، جعلها الله في هذا القرار،فتكاثرت و تخلقت حتى أعطت هذا البناء العظيم،و خلال هذه المرحلة كانت تنعم بكل ما تتطلبه من الغذاء و الماء و الأوكسجين، في مسكن أمين و منيع و مريح، و تحت حماية مشددة من أي طارئ داخلي أو خارجي حقاً إن هذا الرحم لقرار مكين
القصة شيقة و ممتعة لا يملك من يطالعها إلا أن يسبح الخالق العظيم،و هو يرى تعاضد الآليات المختلفة: التشريحية،و الهرمونية،و الميكانيكية،و تبادلها في كل مرحلة من مراحل تطور الجنين، لتجعل من الرحم دائماً قراراً مكيناً
فتشريحياً:
1 ـ يقع الرحم في الحوض بين المثانة من الأمام و المستقيم من الخلف،و تتألف من ثلاثة أقسام تشريحية هي: الجسم و العنق و المنطقة الواصلة بينهما و تسمى المضيق
2 ـ يحيط بالرحم جدار عظمي قوي جداً، يسمى الحوض، و يتألف الحوض من مجموعة عظام سميكة هي العجز و العصعص من الخلف، و العظمين الحرقفين من الجانبين و يمتدان ليلتحمان في الأمام على شكل عظم العانة،هذا البناء العظمي المتين لا يقوم بحماية الرحم من الرضوض و الضغط الخارجية من الجوانب كافة فحسب، و إنما يطلب منه أن يكون بناءا و ترتيبا تشريحيا يرضى عنه الجنين، بحيث يكون ملائماً لنموه،متناسباً مع حجمه و شكله،و أن يسمح له عندما يكتمل نموه و يكبر آلاف المرات بالخروج و المرور عبر الفتحة السفلية إلى عالم النور،و بشكل سهل فأي اضطراب في شكل الحوض أو حجمه قد يجعل الولادة صعبة أو مستحيلة،و عندها يلزم شق البطن لاستخراج الوليد بعملية جراحية تسمى القيصرية
3 ـ أربطة الرحم: هناك أربطة تمتد من أجزاء الرحم المختلفة لترتبط بعظام الحوض أو جدار البطن تسمى الأربطة الرحمية تقوم بحمل الرحم،و تحافظ على وضعيته الخاصة الملائمة للحمل و الوضع، حيث يكون كهرم مقلوب، قاعدته في الأعلى و قمته في الأسفل، و ينثني جسمه على عنقه بزاوية خفيفة إلى الأمام، كما تمنع الرحم من الانقلاب إلى الخلف أو الأمام،و من الهبوط للأسفل بعد أن يزيد وزنه آلاف المرات
هذه الأربطة هي: الرباطان المدوران،و الرباطان العرضيان،و أربطة العنق الأمامية و الخلفية و لندرك أهمية هذه الأربطة، يكفي أن نعلم أنها تحمل الرحم التي يزداد وزنه من (50) إ قبل الحمل إلى (5325) إ مع ما تحويه من محصول الحمل و أن انقلاب الرحم إلى الخلف قبل الحمل قد يؤدي للعقم لعدم إمكان النطاف من المرور إلى الرحم، و إذا حصل الانقلاب بعد بدء الحمل فقد يؤدي للإسقاط
و هرمونياً: يكون الجنين في حماية من تقلصات الرحم القوية، التي يمكن أن تؤدي لموته، أو لفظه خارجاً، و ذلك بارتفاع عتبة التقلص لألياف العضلة الرحمية بسبب ارتفاع نسبة هرمون البروجسترون الذي هو أحد أعضاء لجنة التوازن الهرموني أثناء الحمل و التي تتألف من:
1 ـ المنميات التناسلية: كمشرف
2 ـ هرمون الجريبين كعضو يقوم بالعمل مباشر
3 ـ هرمون البروجسترون كعضو يقوم بالعمل مباشرة تتعاون هذه اللجنة و تتشاور لتؤمن للجنين الأمن و الاستقرار في حصنه المنيع، فلنستمع إلى قصتها بإيجاز:
ما إن تعشعش البيضة في الرحم حتى ترسل الزغابات الكوريونية إلى الجسم الأصغر في المبيض رسولاً يدعى المنميات التناسلية تخبره بأن البيضة بدأت التعشيش،و تطلب منه أن يوعز للرحم أن يقوم بما عليه من حسن الضيافة
وفعلاً يقوم الهرمون بالتأثير المباشر على الدم ليقوم بتأمين متطلبات محصول الحمل، كما أن للهرمون و اللوتئين ( البروجسترون )، كما ذكرنا، الفضل في رفع عتبة تقلص العضلات الرحمية، فلا تتقلص إلا تقلصات خفيفة تفيد في تعديل وضعية الجنين داخل الرحم و في الشهر الثالث يبدأ الجسم الأصفر يعلن عن اعتذاره عن الاستمرار في تقديم هذه الهرمونات،و يميل للضمور، و في هذا الوقت تأخذ المشيمة ـ التي تكون قد تكونت ـ على عاتقها أمر تزويد الحمل بمتطلباته المتزايدة من الهرمونات حتى نهاية الحمل
وهكذا نجد لغة التفاهم و التعاون ظاهرة في هذه اللجنة الهرمونية و الجهات التي تصدر عنها
المرجع مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق.

أضرار الخمر على القلب والأوعية الدموية

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013 | 0 التعليقات

د. شبيب الحاضري

لنتعرف قليلا على بديع الباريء جل في علاه في القلب هذا العضو الذي أودع الله فيه من أسرار خلقه ما يجعل الإنسان يقف خاشعا أمام عظمة الخالق العظيم لا يملك إلا أن يقول: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} (النمل: 88)، وأسوق هنا بعض الحقائق عن القلب بالأرقام حتى يتبين لنا عظم صنع الخالق العظيم، وتتجلى مقدرته، قال تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} (الذاريات: 21)
ويبلغ طول القلب (12,5) سنتيمترا، وعرضه (8,5) سنتيمترا. ويبلغ وزنه عند الولادة (25.20) جراما، ويصل في الذكر عند البلوغ إلى (310) جراما وفي الأنثى نحو (225) جراما.ـ يضخ القلب في الدقيقة الواحدة خمس لترات من الدم من خلال سبعين نبضة في الدقيقة، ويصل مجموع ما يضخه في اليوم الواحد (7200 لتر) من خلال (100,000 نبضة) وبحسابات بسيطة نستطيع القول: إن  الإنسان الذي يبلغ من العمر (75) سنة يكون قلبه قد قام بنحو (3) مليارات نبضة، ضخ خلالها كمية من الدماء تصل إلى (200) مليون لتر.. فسبحان الخالق العظيم.
يوجد في المتحف البريطاني بلندن نموذج فريد للقلب، يوضح المسار الذي  يقطعه الدم خلال الأوعية الدموية من جراء ضخ القلب له، حيث تصل تلك المسافة إلى ما يعادل (100,000 كيلومتر) يوميا. يستغرق الدم في قطع المسافة من القلب إلى الرئة ثم إلى القلب زمنا يقدر بست ثوان، بينما يقطع الدم المسافة إلى الدماغ ثم إلى القلب مرة أخرى في ثماني ثوان، في حين أن الدم  يقطع المسافة من القلب  إلى أصابع القدم ثم العودة إلى القلب في ثماني عشرة ثانية.
وكلها أرقام محددة وموزونة، قال تعالى: {إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر} (القمر: 49)، فلا طبيعة ولا صدفة، بل إله بديع خالق حكيم مدبر ـ جل جلاله ـ.
هذا العضو الحساس في جسم الإنسان ـ  والذي أودع الله فيه من أسرار خلقه ما شاء سبحانه ـ لا يسلم من شر ذلك السم الخبيث (الخمر) الذي يؤدي إلى تعطيل وظيفته وإصابته إصابات بالغة،  والمعلوم أن أي عطب ولو كان بسيطا في هذا العضو قد يؤدي إلى الوفاة.
إن كل قطرة من الكحول يحتسيها الشارب تمر عن طريق القلب، ومع هذا  الاجتياز يزداد تأثر القلب، فيزداد نبضه ليعمل فوق طاقته، مما يؤدي في النهاية إلى إرهاقه وتعبه.
ولقد كان الاعتقاد السائد إلى عهد قريب أن الخمر تنفع في علاج بعض أمراض القلب مثل الذبحة الصدرية (خناق الصدر) (Angina pectoris) وارتفاع الضغط وغيرها. ولكن بفضل الله بدأ يتكشف زيف تلك الأوهام مع تطور الأبحاث الطبية الحديثة، ففي القرن الماضي بدأت تتكشف العلاقة الوطيدة بين الإدمان على الكحول والإصابة بأمراض القلب المختلفة. وقد كان العالم (وود) (wood) في عام 5581م هو أول من أثبت أن الكحول يعتبر عاملا رئيسيا في الإصابة بهبوط القلب، وهكذا توالت الأبحاث إلى أن ظهر في عام 1960م مرض جديد يعرف باعتلال عضلة القلب الكحولي (Alcoholic cardiomyopathy) كأحد الأمراض الناتجة عن الإدمان على تعاطي الخمور.
فكيف يؤثر الكحول على الوظائف الحيوية للقلب؟
يظهر تأثير الكحول على عضلة القلب من خلال عدة عوامل مجتمعة منها:
1.   التأثير السمي المباشر للكحول على عضلة القلب.
2.   تزامن الإدمان على الكحول مع الإفراط في التدخين.
3.   تأثيره على تغذية المدمن وعمليات الاستقلاب.
4.   نمط الحياة الذي يعيشه المدمنون، حيث تجدهم لا يعيرون اهتماما كبيرا لصحتهم ولغذائهم ولا للعلاج الذي يعطى لهم.
إن تناول الكحول يتسبب في إحداث تغيرات في الوظائف الميكانيكية والخواص الكهربائية والكيميائية للقلب.
أما ما يحدثه الكحول من تغيرات في الوظائف الميكانيكية للقلب فتبرز من خلال الأمور التالية:
1. تأثير الكحول على الاستقلاب في القلب:
أ ـ تأثيره على استقلاب الدهون:
أثبتت التجارب العلمية بأن تعاطي الكحول ولو لمرة واحدة يؤدي إلى زيادة فورية في محتوى خلايا القلب من الجليسرين (Glyceride)، والتي تمر بعدة مراحل: حيث يبدأ القلب أولا باستقطاب الدهون ثلاثية الجليسرين (Triglycerides) من الدم، ثم تحفز خلايا القلب لتكوين هذا النوع من الدهون بنفسها فيكثر بذلك مخزون القلب من الدهون.
كما وجد أن الكحول يساعد على امتصاص الدهون من الأمعاء فترتفع بذلك نسبتها في الدم وخصوصا الكوليسترول (Cholestrol). وكل تلك العوامل تساعد على تصلب الشرايين، حيث تتجمع الدهون وبخاصة الكوليسترول على جدران الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تصلبها ومن ثم تضيقها وتكون جلطة دموية (Thrombus)، والتي تؤدي إلى فقدان العضو لكمية الدم التي يحتاجها فيصاب بالاحتشاء ثم الموت (Necrosis).
ويحتج بعضهم بأن الكحول يزيد من نسبة الدهنيات عالية الكثافة في الدم (High Density Lipoproteins) (HDL)، والتي تقلل من نسبة الإصابة بفقر التروية القلبية (Ischemic heart disease)، إلا أن المخاطر الجمة التي تتعرض لها بقية أعضاء الجسم ومن بينها القلب نتيجة للتأثير السمي الكحولي تجعل من عدم الحكمة أن يوصف الكحول كعلاج وقائي من الإصابة بفقر التروية القلبية.
ب ـ تأثيره على استقلاب المعادن في القلب:
إن تعاطي الكحول ولو لمرة واحدة يؤدي إلى انسحاب عنصري البوتاسيوم والفوسفات من خلايا عضلة القلب، كما يزداد تركيز الصوديوم داخل هذه الخلايا مما يؤدي لاختلال في وظيفة القلب، وكل تلك الاضطرابات تعود غالبا لحالها الطبيعي بمجرد الإقلاع عن شرب الخمر.
كما وجد أن الإدمان على الكحول يتسبب في نقص عنصر الزنك مما يؤدي إلى اختلال في وظيفة القلب كذلك.
جـ ـ تأثيره على استقلاب البروتينات:
بالرغم من التأثير المباشر للكحول على المصورة الحيوية (الميتوكوندريا) مما يؤدي إلى تحطيمها ومن ثم إحداث خلل كبير في عمليات الاستقلاب، إلا أن تأثير الكحول على الحزمة المحفزة لانقباض العضلات (Excitation contration couping) والبروتينات التي تساعد في عملية انقباض عضلة القلب (Contractile proteins) يؤدي إلى إصابتها إصابة بالغة كذلك، ويرجع سبب ذلك إلى تأثير الكحول وخصوصا مادة الاسيتالدهايد (Acetaldehyde) الناتجة عنه على عملية تكوين البروتينات مما يؤدي إلى نقص البروتين عن هذه العضلات الانقباضية.
2. تأثير الكحول على وظائف القلب وخصائصه:
أ ـ تأثيره على قدرة القلب على الانقباض (القدرة الميكانيكية):
لقد ظهر من خلال العديد من الدراسات أن الكحول يحدث خللا في قدرة القلب على الانقباض ومن ثم انخفاض معدل ضخه للدم حتى في حالة عدم وجود أي أعراض مرضية في القلب. وهذا التأثير التثبيطي (depressant effect) يزداد إذا صاحبه وجود اعتلال في عضلة القلب وخصوصا فقر التروية القلبية.
وقد قام العلماء بدراسة مستفيضة لمعرفة دور الكحول في التأثير على عضلة القلب، ومن ذلك ما وجده بعض الباحثين من أن شرب كمية قليلة من الويسكي (أوقيتين إلى ثلاث أوقيات) تؤدي إلى انخفاض كمية الدم التي يضخها القلب في الضربة الواحدة (Stroke volume) مع انخفاض إجمالي لكمية الدم التي يضخها القلب في الدقيقة الواحدة (Cardiac output) وخصوصا عند المصابين باعتلال عضلة القلب. يقول الدكتور (برون وولد): (يتسبب الكحول في تثبيط قدرة عضلة القلب على الانقباض بشكل حاد أو مزمن حتى لو أخذ بكميات معتدلة).
ب ـ تأثير الكحول على منعكسات القلب (Cardiovascular reflexes):
لقد أجريت تجارب على متطوعين أصحاء، طلب منهم  شرب كمية من الكحول ثم قام الأطباء بتعريضهم لأنواع من التوترات (Stress) حتى يتعرفوا على مدى تأثير منعكسات القلب، فكانت النتيجة ارتفاع معدل ضربات القلب وانقباض شديد في الأوعية الدموية  الطرفية بزيادة ملحوظة تفوق استجابة غيرهم من الذين لا يشربون الخمور.
وقد يعتبر هذا الأمر بالنسبة للأصحاء غير ذي بال، إلا أن خطورته تزداد عند الذين يعانون من اعتلال في قلوبهم.
جـ ـ تأثير الكحول على الخواص الكهربائية للقلب:
من المعلوم أن فاعلية القلب الكهربائية يمكن تسجيلها بشكل رسم بياني على ورق من نوع خاص يتحرك بسرعة محددة وثابتة فتحصل على مخطط كهربائي لهذه الفعالية، وهذا ما يعرف بتخطيط القلب الكهربائي (E. C. G,).
ويؤدي تناول الكحول إلى اضطرابات في نظم القلب (Dysrrhythmias) قد يكون بعضها مميتا. كما أنها تعتبر من أهم أسباب موت الفجأة عند شاربي الخمر.
وقد قام (اتينجر وزملاؤه) بدراسة نوبات الاضطرابات في نظم القلب لدى (42) مدمنا على الكحول، والتي تكثير في العطل الأسبوعية حيث يكثر تعاطي الخمور، لذا أطلق عليها متلازمة إصابة القلب في أيام العطل (Heart Syndrome The Holiday)، ومن تلك الاضطرابات: تسارع النظم الأذيـني الاشتدادي (Paroxysmal Atrial Tachycardia)، وخوارج الانقباض الأذينية والبطينية المنشأة (Atrial & Ventricular Ectopic Beats)، وتسارع النظم الجيبي  (Tachycardia Sinus)وتسارع النظم البطيني (Ventricular Tachycardia)، والرجفان الأذيني (Atrial Fibrllation) وهذا الأخير يكثر حدوثه عند شاربي الخمور حيث يشعر المريض بخفقان شديد وعدم انتظام في ضربات القلب قد يكون سببا في هلاكه.
كما وجد أن للكحول تأثيرا مثبطا للتوصيل الكهربائي للقلب (Conductive system) والذي يزداد حدة إذا كان المدمن يعاني من اعتلال في عضلة القلب. ويؤكد الدكتور (سيجل وزملاؤه) بأن الدراسات قد أثبتت أن تعاطي الكحول ولو لمرة واحدة تحدث خللا في ميكانيكية القلب وخواصه الكهربائية. وقد لا يكون ذلك الخلل بتلك الدرجة من الخطورة عند شاربي الخمور الذين لا يعانون  من أمراض أخرى في القلب، إلا أنه دون شك يكون خطيرا  عند أولئك المصابين  باعتلال في قلوبهم. وقد وجد العلماء أن الإنسان إذا تناول ست أوقيات من الكحول في خلال (42) ساعة فإن عدد دقات قلبه تزيد عن المعدل الطبيعي بمقدار اثني عشرة دقة في الدقيقة.. وهذا العمل الإضافي الذي يؤديه القلب لابد وأن يضعفه على مدى الأيام، ويؤثر على عضلته وفي أعصابه، الأمر الذي يؤدي ـ إن عاجلا أو آجلا ـ إلى عدم قدرة القلب على مقاومة أي جهد زائد عن المعتاد، مما يؤدي في النهاية إلى استرخاء تلك العضلة وتمددها، ومن ثم عدم قدرتها على الضخ، فتقل بذلك كمية الدم التي يحتاجها كل عضو من أعضاء الجسم.
اعتلال العضلة القلبية الكحولي: (Alcoholic Cardiomyopathy):
وهو مرض خطير يكثر عند الرجال المدمنين على شرب الكحول لفترات طويلة تمتد من (10) إلى (15) سنة، ويمثل الإفراط على تعاطي الكحول نحو (20٪) من الأسباب المؤدية للإصابة باعتلال عضلة القلب.
اعتلال عضلة القلب الكحولي.. ويظهر تضخم جدران حجرات القلب

وقد وجد الباحثان (ألدرمان) و(كولتارت) في عام 1982م، أن تناول نصف قارورة من الويسكي يوميا ولعدة أشهر يؤدي إلى اعتلال القلب عند أولئك الذين لا يعانون من أمراض سوء التغذية. كما لاحظ الباحثون في كندا في عام 1960م انتشار نوع من اعتلال عضلة القلب عند مدمني شرب البيرة (Beer drinker's cardiomyopathy)، ويعود ذلك لما يضاف إلى البيرة من مواد للتثبيت مثل الكوبلت.
كما وجد أن بعض المشروبات الكحولية مثل شراب (Moon shine) تؤدي إلى الإصابة باعتلال عضلة القلب نظرا لاحتوائها على الرصاص الذي يضاف عادة إلى هذا المشروب. وتصاب عضلة القلب في هذا المرض بالضعف والاسترخاء فتتوسع حجيرات القلب وخصوصا البطين الأيسر مما يؤدي إلى انخفاض قدرته على ضخ الدم إلى بقية أجزاء الجسم، فيصاب المريض بالإعياء الشديد، ويفقد القدرة على الحركة البسيطة. كما يشعر بضيق في التنفس وأحيانا بآلام في الصدر، وقد تضطرب ضربات قلبه، وقد تكون النهاية بإصابة القلب بما يعرف بالهبوط الاحتقاني (Congestive heart failure)، فتتجمع السوائل في رئتي المريض ويكبر حجم كبده وتتورم قدماه.
والعاقبة في هذا المرض وخيمة خلال أيام معدودات إذا لم يتوقف العاصي عن شرب الخمر ويعطى العلاج المناسب.
وقد وجد أن نحو (80٪) من المرضى قد توفوا في خلال ثلاث سنوات من بدء اكتشاف المرض إذا هم أصروا على الاستمرار في تعاطي الخمور. وعند تشــريح قلوب المصـابين بهذا المرض بعد الوفاة، وجد أن حجــرات القلب كلها تتسع بينما يزداد سمك البطين الأيسر، كما تتكــون جلطات (Thrombi) على جدار القلب، مما يكون له أعظم الخطر إذا انفصل جزء من هذه الجلطة وسار إلى أماكن من الجسم وخصوصا الدماغ. فإنها حينذاك تسد الأوعية الدموية ومن ثم يقل إرواء ذلك العضو من الدم فتكون العاقبة وخيمة.
مرض بري بري (Beri beri):
يكثر هذا المرض عند مدمني الخمور، ويعود سبب هذا المرض إلى ما يحدثه الكحول من نقص في فيتامين (ب1) المعروف بالثيامين (Thiamine)، والذي يوجد بكثرة في قشر القمح والأرز كما يوجد في الحليب واللحوم وبعض الخضروات والفواكه. والكحول شره في استهلاك هذا الفيتامين في الجسم، حيث وجد أن احتراق جرام واحد من الكحول يحتاج إلى ثمانية ملليجرامات من هذا الفيتامين الحيوي، مما يؤدي إلى نقصه من جسم شارب الخمر، أضف إلى ذلك سوء التغذية التي غالبا ما يعاني منها مدمنو الخمر.
أما نقص هذا الفيتامين فيؤدي إلى ما يلي:
1.   عدم قدرة الخلايا على استخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة.  وأكثر الأجهزة تأثرا هو الجهاز العصبي حيث إن الجلوكوز يمثل بالنسبة له المصدر الوحيد للطاقة، فلذا يصاب المدمن بحالة من الهذيان وفقدان التركيز والترنح وغيرها. وهذا ما يعرف بداء فيرنيكيه (Wernickes encephalopathy). كما تصاب الأعصاب الطرفية بالاعتلال (Peripheral Neuropathy).
2.   تتراكم كمية كبيرة من حامض البيروفيك (Pyruvic acid) وزيادة في ضخ الدم من القلب بكميات كبيرة مما يؤدي إلى إرهاق القلب وفي الأخير هبوطه (Heart failure).
الأوعية الدموية
ويقصد بها الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية.. وهي شبكة المواصلات المعقدة في الجسم حيث يصل طولها إلى نحو (1000,000) كيلو متر، ويتم بواسطتها إيصال الأكسجين والغذاء المحمول في الدم إلى جميع أجزاء الجسم. وكما علمنا سابقا من تأثير الكحول على دهنية الدم، فإن هذه الأوعية تصاب بالتصلب والضيق نتيجة لتراكم الدهون عليها فتفقد بذلك مرونتها التي وهبها الله إياها فتصبح جدرانها كثيفة وصلبة وقابلة لأن تنقصف لأول وهلة، كما يحدث للأنابيب المطاطية عندما تجمد وتجف. كما يسبب الكحول ارتفاعا في ضغط الدم، وقد تم تفصيل ذلك في فصل تأثير الخمر على الجهاز البولي.

الإحساس بالألم بين الطب والقرآن

الاثنين، 14 أكتوبر 2013 | 0 التعليقات


د. سالم عبدالله المحمود

كان الاعتقاد السائد منذ عدة قرون أن الجسم كله حساس للآلام، ولم يكن واضحًا لأحد يومذاك أن هناك أعصابًا متخصصة في جسم الإنسان لنقل أنواع الألم، حتى كشف علم التشريح اليوم دور النهايات العصبية المتخصصة في نقل أنواع الآلام المختلفة.
وسنرى فيما يعرضه هذا البحث من الحقائق العلمية ما يناقض ذلك الاعتقاد الذي كان سائدًا وقت التنزيل وإلى زمن قريب جدًّا. وبمقارنة تلك الحقائق العلمية مع ما ورد في القرآن الكريم من الإشارات العلمية حول الجلد وكونه مختصًّا بنقل الإحساسات المتنوعة، يتأكد لنا أن هذا القرآن الكريم هو كلام الله خالق الكون ومبدع الإنسان، وأنه هو الذي أوحى بتلك الحقائق إلى نبيه محمد ـ عليه الصلاة والسلام.
النصوص التي وردت في الموضوع:
قال الله ـ تعالى ـ عن عذاب الكافرين يوم القيامة: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء: 56).
وقال تعالى: (وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ) (محمد: 15).
تفسير الآية الأولى:
قال الطبري في تأويل قوله تعالى: (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا) سوف ننضجهم في نار يُصلَوْن فيها، أي يشوون فيها، (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم) كلما انشوت بها جلودهم فاحترقت (بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا) يعني غير الجلود التي قد نضجت فانشوت (لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ) فعلنا ذلك بهم ليجدوا ألم العذاب وكربه وشدته بما كانوا في الدنيا يكذبون آيات الله ويجحدونها(1).
وقال الزمخشري: ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع، كقولك للعزيز: (أعزك الله؛ أي أدامك على عزك وزادك فيه)(2).
تفسير الآية الثانية:
قال القرطبي: (وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمًا) أي حارًّا شديد الغليان إذا دنا منهم شوى وجوههم ووقعت فروة رؤوسهم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم وأخرجها من أدبارهم.
والأمعاء: جمع معي، والتثنية: معيان، وهو جميع ما في البطن من الحوايا(3).
وقال الطبري: وسقي هؤلاء الذين هم خلود في النار ماء قد انتهى حره فقطع ذلك الماء من شدة حره أمعاءهم(4)، كما ذكر مثله الشوكاني في فتح القدير(5) وابن كثير في تفسيره(6).
الجلد وعذاب النار
الحقائق العلمية حول الجلد:
إذا ألقينا نظرة على خارطة الجلد نجد قدرة الخالق ـ جل وعلا ـ تتجلى في الشكل البديع(7) (انظر الشكل رقم 1) الذي يوضح كيف تتوزع أعصاب الإحساس في جلد الإنسان، حيث نجد أن هناك ما يقرب من خمسة عشر مركزًا لمختلف أنواع الإحساس العصبي قد تم اكتشافها من قبل علماء الطب والتشريح، وقد حمل بعضها أسماء مكتشفيها.
وقد قسم علماء الطب الإحساس إلى ثلاث مستويات:
أ ـ إحساس سطحي.
ب ـ إحساس عميق.
ج ـ إحساس مركب.
شكل رقم (1): هذا الشكل يبين تركيب جلد الإنسان
ويختص الإحساس السطحي باللمس والألم والحرارة، أما الإحساس العميق فيختص بالعضلات والمفاصل. أي إحساس الوضع أو التقبل الذاتي PROPRIOCEPTION)). وكذلك ألم العضلات العميق وتحسس الاهتزاز PALLESTHESIA)).
والآلية الحسية لكلا الإحساسين: السطحي والعميق، تشمل التعرف وتسمية الأشياء المعروفة والموضوعة في اليد، أي حاسة معرفة الأشياء باللمس (STEREOGNOSIS). وكذلك حاسة الإدراك الموضعي TOPOGNOSIS))، أي المقدرة على تحديد مواضع الإحساس أو التنبيه الجلدي.
والإحساس باللمس: أي معرفة الأشياء باللمس، ويعتمد على سلامة قشرة المخ، أو لحاء المخ.
وهناك ما يعرف بتقسيم د. هد HEAD, S CLASSIFICATION)) حيث قسم الإحساس الجلدي إلى مجموعتين:
إحساس دقيق (EPICRITIC) يختص بتمييز حاسة اللمس الخفيف والفرق البسيط في الحرارة.
وإحساس أوّلي PROTOPATHIC) ) ويختص بالألم، ودرجة الحرارة الشديدة.
وكل إحساس منهما يعمل بنوع مختلف من الوحدات العصبية، وقد بنى استنتاجه هذا على ملاحظاته لتجدد الأعصاب، الذي يعقب الإصابة، حيث وجد أن الإحساس الأوّلي PROTOPATHIC)) يعود سريعًا أي خلال عشرة أسابيع، بينما الإحساس الدقيق يبقى معطلاً لمدة سنة أو سنتين، أو ربما لا يعود نهائيًّا.
خلايا التغيرات البيئية:
توجد خلايا مخصصة لاكتشاف التغيرات الخاصة في البيئة RECEPTORS))، وهي تنقسم إلى أربعة أنواع:
ـ خلايا تتأثر بالبيئة الخارجية: EXTEROCEPTORS))، وهي مخصصة لحاسة اللمس، وتشتمل على جسيمات (مايسنر) MEISSNERS CORPUSCLES)) وجسيمات (ميركل) MERKELS CORPUSCLES)).
ـ خلايا الشعر، ونهاية بصيلات كروز:
ERAUSE END BULBES))، وهي مخصصة للحرارة.
ـ نهايات الأعصاب الإرادية أو الحرّة للإحساس بالألم.
(انظر الشكل رقم 2)
شكل رقم (2): الأشكال توضح نهايات العصب الحسي وهي متقبلات خارجية (مستقبلات)
وقد أثبت التشريح أن الألياف العصبية الخاصة بالألم والحرارة متقاربة جدًّا، كما بين الطريق الذي تسلكه الألياف العصبية الناقلة للألم والحرارة حيث تدخل النخاع الشوكي (SPINAL CORD) وبعده إلى المخيخ EEREBELLUM)) ثم إلى الدماغ المتوسط MID BRAIN)) ومنه إلى المهاد (THALAMUS) ثم إلى تلافيف الفص المهادي للمخ GYRUS OF PARIETAL LOBE)).
ونخلص من هذا إلى أن الجلد من أهم أجزاء جسم الإنسان إحساسًا بالألم، نظرًا لأنه الجزء الأغنى بنهايات الأعصاب الناقلة للألم والحرارة. انظر الشكلين (3، 4).
شكل رقم (3):القسم المركزي والمحيطي للجهاز العصبي حيث يتكون الجهاز العصبي المركزي من الدماغ والحبل الشوكي، ويتكون الجهاز العصبي المحيطي من الأعصاب القحفية والشوكية.
شكل رقم (4): يوضح هذا الشكل الممر الحسي للألم والحرارة
درجات الحروق وأنواعها:
لو استعرضنا درجات الحروق التي يصاب بها الإنسان لوجدنا أن هناك حروق من الدرجة الأولى، وحروق من الدرجة الثانية.
وجميعها تنقسم إلى حروق سطحية، وحروق عميقة، ثم حروق من الدرجة الثالثة.
ولو ألقينا نظرة إلى ما يصيب الجلد نتيجة لهذه الأنواع الثلاثة من الحروق لوجدنا أن حروق الدرجة الأولى تصيب طبقة البشرة القرنية، وتظهر على هيئة التهاب جلدي.
ويسمى أيضًا الحرق الحمامي، وفي هذه الحالة يحدث انتفاخ وألم بسيط لأن الحرق من الدرجة الأولى يصيب خلايا الطبقة السطحية، ومن المعتاد أن ظاهرة الاحمرار والانتفاخ والألم تختفي خلال يومين أو ثلاثة أيام.
ولو انتقلنا إلى حروق الدرجة الثالثة لوجدنا أن طبقة الجلد تصاب بكاملها، وربما تصل الإصابة إلى العضلات أو العظام، ويفقد الجلد مرونته ويصبح قاسيًا وجافًّا.
وفي هذه الحالة فإن المصاب لا يحس بالألم كثيرًا، لأن نهايات الأعصاب تكون قد تلفت بسبب الاحتراق.
ونعود الآن إلى حروق الدرجة الثانية، وهي تنقسم إلى قسمين:
1 ـ سطحي.
2 ـ عميق.
يحدث في حالة الحروق السطحية من الدرجة الثانية أن طبقة البشرة (ظاهر الجلد) تنضج، وكذلك الأدمة ـ طبقة باطن الجلد ـ التي تحت البشرة.
ويحدث في هذه الحالة انفصال طبقة البشرة عن طبقة الأدمة، وتتجمع مواد مفرزة أو نتحات(8) بين هاتين الطبقتين، وتتكون كذلك النفط(9) تحت البشرة وهي مليئة بسوائل تشبه سوائل البلازما أو مصل الدم.
ويعاني المصاب في هذه الحالة من آلام شديدة، وزيادة مفرطة في الإحساس بالألم، نتيجة لإثارة النهايات العصبية المكشوفة. ويبدأ التئام الجلد خلال أيام قد تصل إلى أربعة طبقات نتيجة لعملية التجدد والانقلاب التي تحدث في الأمعاء.
الأحشاء وعذاب يوم القيامة:
وكما يتعرض الكفار لعذاب النار من الخارج عن طريق الجلد، فإنهم يتعرضون لعذاب داخلي من نوع آخر، عن طريق سقيهم بماء حميم، إذا دنا منهم شوى وجوههم ووقعت فروة رؤوسهم، فإذا شربوا قطع أمعاءهم وأخرجها من أدبارهم، قال تعالى: (وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ) (محمد: 15).
لقد كشف علم التشريح أن الأمعاء الدقيقة هي أطول جزء في الجهاز الهضمي ـ يصل طولها إلى خمسة أمتار ـ ويتكون جدارها من ثلاث طبقات:
1 ـ الطبقة الخارجية:
وهي الطبقة المصلية: وهي عبارة عن غشاء رقيق رطب بما يفرزه من سائل مصلي.
2 ـ الطبقة الوسطى:
وهي الطبقة العضلية: التي تتكون بدورها من طبقتين:
أ ـ طبقة خارجية: تتكون من عضلات طولية.
ب ـ طبقة داخلية: تتكون من عضلات دائرية.
3 ـ الطبقة الداخلية وتسمى بالطبقة المخاطية:
وتتكون من صفيحة عضلية مخاطية، ونسيج تحت الغشاء المخاطي، وثنايا دائرية أو حلقية محمّلة بالزغب، وتحتوي على غدد معوية وحويصلات لمفاوية.
ونجد أن هذا الإبداع الإلهي في التكوين والتركيب جعل الأمعاء من الداخل في حماية من المؤثرات الداخلة إليها، التي يمكن أن تحدث آلامًا، منها آلام الإحساس بالحرارة.
فتجويف البطن مبطّن بالبريتون (الصفاق) الذي يبلغ حجمه (20.400سم مكعب) ويساوي نفس حجم الجلد الخارجي للجسم، وهو ما يسمى بالصفاق الجداري، وأما الذي يغطي الأحشاء، فإنه يسمى الصفاق الحشوي. (انظر الشكل رقم 5)
شكل رقم (5): هذا الشكل يوضح طبقات الأمعاء الدقيقة وتركيب الزغابات المعوية
أما الجزء الموجود بين الصفاق الجداري والطبقة المصلية للأحشاء فيسمى المساريقا، وبه عدد كبير من جسيمات (باسيني).
والمساريقا تشبه الصفيحة المكونة من ورقتين مزدوجتين تمر بينهما الأعصاب والأوعية اللمفاوية والدموية. فمتلقيات الألم RECEPTORS)) والوحدات الحسية الأخرى الموجودة في الأحشاء تشبه تلك الموجودة في الجلد، لكن هناك اختلافات بيّنة في توزيعها.
فالأحشاء لا يوجد بها أعصاب التقبل الذاتي (PROPPIOCEPTORS)، ولكن يوجد فيها عدد قليل من الأعضاء الحسية للحرارة واللمس. لذا فإنه عندما يخدر جدار البطن بمخدر موضعي، ويفتح البطن ونمسك الأمعاء أو نقطعها أو حتى نحرقها لا ينتج عن ذلك أي انزعاج أو إحساس بألم.
ولكن عندما تتقطع الأمعاء بسبب شرب الماء الحميم (ماء حار شديد الغليان)(10) الذي ينفذ منها إلى التجويف المحيط بالأحشاء والغني بالأعصاب الحاسة ـ فإن العذاب بحرارة الحميم يبلغ أشده.
أوجه الإعجاز:
(أ‌) بيّن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن الجلد محل العذاب فربط ـ جل وعلا ـ بين الجلد والإحساس بالألم في قوله تعالى: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ) فتبين بذلك أن الجلد وسيلة إحساس الكافرين بعذاب النار.
وأنه حينما ينضج الجلد ويحترق ويفقد تركيبه ووظيفته ويتلاشى الإحساس بألم العذاب يستبدل بجلد جديد مكتمل التركيب تام الوظيفة، تقوم فيه النهايات العصبية ـ المتخصصة بالإحساس بالحرارة وبآلام الحريق ـ بأداء دورها ومهمتها، لتجعل هذا الإنسان الكافر بآيات الله تعالى يذوق عذاب الاحتراق بالنار.
ولقد كشف العلم الحديث أن النهايات العصبية المتخصصة للإحساس بالحرارة وآلام الحريق لا توجد بكثافة إلا في الجلد، وما كان بوسع أحد من البشر قبل اختراع المجهر وتقدم علم التشريح الدقيق أن يعرف هذه الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنًا.. وهكذا تتجلى المعجزة وتظهر آيات الله تعالى.
(ب‌) هدّد القرآن الكريم الكفار بالعذاب بماء حميم يقطع أمعاءهم، واتضح السر في هذا التهديد أخيرًا باكتشاف أن الأمعاء لا تتأثر بالحرارة، ولكنها إذا قطعت خرج منها الماء الحميم إلى البريتون الجداري، الذي يغذَّى بأعصاب الجدار التي تغذي الجلد وعضلات الصدر والبطن، وتتأثر هذه الأعصاب باللمس أو الحرارة فيسبب الحميم بعد تقطيع الأمعاء أعلى درجات الألم.
أما العذاب عن طريق الجلد فيختلف عن ذلك لاختلاف طبيعة تركيب الجلد، فلا يكون استمرار الإحساس بالعذاب في الجلد إذا نضج ـ إلا بتجديد جلد جديد.
فاختلاف الوصف لكيفية تحقيق العذاب بالنار من الخارج: عن طريق تبديل الجلد كلما نضج، ومن الداخل: بتقطيع الأمعاء بالحميم، والذي أثبته العلم الحديث يتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم في هذين المجالين. ذلك أن القرآن الكريم كلام الخالق العليم الذي يعلم دقائق تركيب الإنسان وأسراره. وهكذا يتجلى الإعجاز العلمي في الإحساس بالألم بالتوافق بين حقائق الطب ومعجزات القرآن الكريم.