معجزة الصيام .. وفوائده الصحية

الخميس، 27 فبراير 2014 | 0 التعليقات



معجزة الصيام .. وفوائده الصحية



د.صالح بن عبد القوي السنباني
رئيس قسم الإعجاز العلمي -جامعة الإيمان
as_sanabani@hotmail.com
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102).يقول تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة : 184)، وهنا تتضح وتتجلى المعجزة العظمى لمحمد صلى الله عليه وسلم في تشريع الصوم :
المعجزة الأولى: ضرورة الصوم لكل إنسان:
حيث يعتبر العلماء اليوم الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها. وأي إنسان أو حيوان إذا لم يصم فإنه معرض للإصابة بالأمراض المختلفة، وأن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، يقول ماك فادون من علماء الصحة الأمريكيين (إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعلـه كالمريض فتثقلـه ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وذهبت عنه حتى يصفو صفاءً تاماً و يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مدة لا تزيد عن 20 يوماً بعد الإفطار. لكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد لـه بهما من قبل ).
ومن أهم الفوائد الصحية للصيام:
1 - راحة الجسم و إصلاح أعطابه.
2- امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء والتي يؤدي طول مكثها إلى تحولـها لنفايات سامة.
3- تحسين وظيفة الـهضم، والامتصاص.
4- تستعيد أجهزة الإطراح والإفراغ نشاطها وقوتها وتتحسن وظيفتها في تنقية الجسم، مما يؤدي إلى ضبط الثوابت الحيوية في الدم وسوائل البدن. ولذا نرى الإجماع الطبي على ضرورة إجراء الفحوص الدموية والمفحوص صائماً. فإذا حصل أن عاملاً من هذه الثوابت في غير مستواه فإنه يدل على خلل ما.
5- تحليل المواد الزائدة والترسبات المختلفة داخل الأنسجة المريضة.
6- إعادة الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن.
7- تقوية الإدراك وتوقد الذهن.
8- تجَميل وتنظيف الجلد، يقول الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الإنسان ذلك المجهول (إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام،..إن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد. وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا ).
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).
المعجزة الثانية: الصوم هو الخير والصحة للإنسان أو المعفاة الكاملة بدنياً ونفسياً وروحياً:
يقول هالبروك Holbrook: (ليس الصوم بلعبة سحرية عابرة، بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة جيدة)، ويقول الدكتور ليك Liek : (يوفر الجسم بفضل الصوم الجهد، والطاقة المخصصة للـهضم، ويدخرها لنشاطات أخرى، ذات أولوية وأهمية قصوى : كالتئام الجروح، ومحاربة الأمراض).
ويقول توم برنز(فعلى الرغم من إنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر، وأشعر بانصراف ذاتي عن النزوات والعواطف السلبية كالحسد والغيرة وحب التسلط، كما تنصرف نفسي عن أمور علقت بها مثل الخوف والارتباك والشعور بالملل).
والصيام وقاية للجسم من الحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها. كما يخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويعطي غدة البنكرياس فرصة للراحة، والتي تفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفروزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر. وقد أقيمـت دور للعلاج في شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر باتباع نظام الصيام لفترة تزيد من(عشر- عشرين) ساعة ودون أية عقاقير كيميائية، ثم يتناول المريض وجبات خفيفـة جدا، وذلك لمدة أربعة أسابيع متوالية. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة في علاج مرضى السكر. و الصيام وقاية من التخمة، وأفضل طبيب تخسيس وأرخصهم على الإطلاق، والصيام وقاية من الأمراض الجلدية، حيث يقلل الصيام نسبة الماء في الدم فتقل نسبته في الجلد مما يعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض الجرثومية، والصيام وقاية من داء الملوك"النقرس"،والصيام وقاية من جلطة القلب والمخ، والصيام وقاية من آلام المفاصل، والصيام مشرط جراحي يزيل الخلايا التالفة.
إن الصيام هو مفتاح الصحة، ومن الأمراض التي أثبت الصوم فاعلية في علاجها: الشقيقة (الصداع النصفي)، والربو القصبي، والأمراض الالتهابية، وأمراض الغدد الصم وضعف الخصوبة، والبدانة، وداء السكري إذا لم يمض على الإصابة أكثر من 5 سنوات، حيث تصاب غدة البنكرياس بالتلف، وبالتالي لا يفيد الصوم في تنشيط الغدة وزيادة فعاليتها، وعلاج ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول.
 ويتفق الباحثون على أهمية الصوم الحيوية حيث أن تخزين المواد الضرورية في البدن من فيتامينات وحوامض أمينية يجب ألا يستمر زمناً طويلاً، فهي مواد تفقد حيويتها مع طول مدة التخزين، لذا يجب إخراجها من مخازنها واستخدامها قبل أن تفسد، إن الصيام يمنح الجهاز الـهضمي وسائر الأجهزة والغدد الراحة الفيسيولوجية التي تجعل الجسد يحصل على فرصة للتجدد، فتعود الوظائف نشطة، ويصبح الدم أصفى، وأغنى بكريات الدم الأكثر شبابًا، وهذا التجدد يظهر أولاً على سطح الجلد فتصير البشرة أنقى، وتختفي البقع والتجاعيد، أما العيون فإنها تغدو أكثر صفاءً وبريقًا. ولقد أشارت تجارب اثنين من علماء الفيسيولجيا بجامعة شيكاغو أن الصوم لمدة أسبوعين يكفى لتجديد أنسجة إنسان في عمر الأربعين، بحيث تبدو مماثلة لأنسجة شاب في السابعة عشرة من عمره. يقول تعالى: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة : 184)،
المعجزة الثالثة: أقل فترة للصوم شهر واحداً في العام:
أكد البروفيسور نيكولايف بيلوي من موسكو في كتابه " الجوع من أجل الصحة " 1976 ( أن على كل إنسان أن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة أربعة أسابيع كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته) قال تعلى:( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(البقرة: من الآية185).
المعجزة الرابعة: في تحديد زمن الصوم اليومي من طلوع الفجر إلى غياب الشمس:
زمن الصيام الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في وقت الإفطار وقد أثبت البحث العلمي أن الفترة المناسبة للصوم يجب أن تكون مابين 12-18 ساعة وبعدها يبدأ مخزون السكر في الجسم وفي تحليل البروتين. وقد سجل درينيك Dreanik ومساعدوه عامـ 1964م، عدداً من المضاعفات الخطيرة من جراء الوصال في الصيام لأكثر من 31 يوماً. وتتضح هنا المعجزة النبوية بالنهي عن الوصال في الصوم.فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والوصال قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ).
المعجزة الخامسة: أهمية وجبتي الإفطار والسحور للصائم:
فقد أثبت البحث العلمي أهمية وجبتي الإفطار والسحور في إمداد الجسم بالأحماض الدهنية والأمينية، وبدونهما يتحلل الدهن في جسم الإنسان بكميات كبيرة مما يؤ دي إلى إلى تشمع الكبد وإلحاق أضرار خطيرة بجسم الإنسان.قال صلى الله عليه وسلم :(لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور)
المعجزة السادسة: الصوم بالإمتناع عن الطعام والشراب والجماع أمان من الأخطار الصحية:
فقد أثبتت الأبحاث الطبية أن الامتناع عن الطعام فقط يعرض الإنسان على مخاطر عديدة أهمها: اختلال نسبة الأملاح والسوائل في الجسم مم يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة وقد تصل هذه الأخطار على الوفاة، ويؤدي الجماع إلى فقد 76 كيلو سعر حراري قد تلحق الأذى بالإنسان وهو صائم.
المعجزة السابعة: الرخصة للمريض والمسافر لليسر وعدم المشقة:
بين ألن سوري Alain Saury أن قيمة الصوم في تجديد حيوية الجسم ونشاطه ولو كان في حالة المرض، وأورد حالات عدد من المسنين، تجاوزت أعمارهم السبعين، استطاعوا بفضل الصوم استرجاع نشاطهم وحيويتهم الجسمانية والنفسانية حتى أن عدداً منهم استطاع العودة إلى مزاولة عملـه الصناعي أو الزراعي كما كان يفعل في السابق نسبياً. فالرخصة في الصوم للمريض والمسافر مرتبطة بالمشقة قال تعالى (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(البقرة: من الآية185 ).
المعجزة الثامنة: أهمية صيام ستة أيام من شوال وثلاثة أيام من كل شهر:
الصيام هو الوسيلة الوحيدة الفعالة لطرد السموم المتراكمة في الجسم، حيث تنظف القناة الـهضمية تمامًا من جراثيمها خلال أسبوع واحد من الصوم، وتستمر عملية التنظيف لإخراج الفضلات والسموم المتراكمة في الأنسجة عبر اللعاب، والعصارة المعدية، والعصارة الصفراء، وعصارة البنكرياس، والأمعاء، والمخاط، والبول، والعرق، وتقل كمية العصارة ودرجة حموضتها كثيرًا مع الصوم، يقول الدكتور محمد سعيد البوطي : (أن الصيام الحق يمنع تراكم المواد السمّية الضارة كحمض البول والبولة وفوسفات الأمونياك والمنغنيزا في الدم وما تؤهب إليه من تراكمات مؤذية في المفاصل, والكلى ــ الحصى البولية ــ ويقي من داء الملوك ــ النقرس ــ). وقد أثبت الأبحاث الطبية أن الصيام ليوم واحد يطهر الجسم من الفضلات والسموم المتراكمة لعشرة أيام(أي أن الإنسان يحتاج كل سنة لصيام 36 يوماً).و من هنا نرى الحكمة من أن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لنا بصيام ستة أيام من شوال حتى تكتمل عملية التنظيف يقول صلى الله عليه وسلم :فيما رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر).
كما يكشف العلم الحديث عن حكمة لصيام الأيام البيض، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. والمراد بالأيام البيض ( 13، 14، 15) من كل شهر عربي. وسميت بالبيض لأن لياليها بيضاء من شدة ضوء القمر عند اكتمالـه. وقد كشف العلم الحديث في الأعوام الأخيرة أن القمر يسبب في الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، زيادة التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة تصيب بعض الناس بمرض الجنون القمري.
المعجزة التاسعة: لماذا الإفطار على التمر؟:
فلقد كان رسول اللـه صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، وهذا الـهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر المـوجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة ويصل إلى الدم في دقائق معدودة، ويعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد.
 أما لو أفطر الإنسان بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا كي يتم هضمها وتحويل جزء منها إلى سكر فلا يشعر الإنسان بالشبـع، ويستمر في ملء معدته فوق طاقتها توهما منه أنه مازال جائعا، ويفقد الصيام هنا خاصيته المدهشة في جلب الصحة والعافية والرشاقة.
إن هذا التشريع المحكم الذي يتضمن أسراراً لأدق الاكتشافات الطبية والذي نزل به القرآن في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها يدل على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:6). كما يشهد لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من عند الله، وصدق الله القائل :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53).

لبن الإبل: بين التراث والعلم الحديث

| 0 التعليقات

لبن الإبل: بين التراث والعلم الحديث

د."معزالإسلام" عزت فارس
أستاذ مساعد-قسم التغذية السريرية
كلية العلوم الطبية التطبيقية، جامعة حائل، المملكة العربية السعودية
كلية الصيدلة والعلوم الطبية، جامعة البترا، الأردن
moezfaris@hotmail.com
مقدمة
خلق الله تعالى الإبل وجعلها محطاً لأنظار المتأملين وموطناً لاعتبار المعتبرين ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ (الغاشية: ١٧). ولعل لفظة "الإبل" توحي بأن كل ما في هذا المخلوق العجيب وكل ما يتعلق به هو موضع إعجاز وإبداع، بما في ذلك أعضاءها وأطرافها وحركاتها وصفاتها الجسمية وسلوكياتها الحيوية، ولبنها بل وحتى بولها وروثها. ومازال البحث العلمي يتواصل في الكشف عن مكنونات هذا المخلوق وأسرار خلقه، فكان مما تعمق به الباحثون هو معرفة أسرار لبن الإبل. وتجدر الإشارة ابتداءً إلى أن كلمة " لبن " في اللغة يقصد بها الحليب، وهو ما يؤخذ بالحلابة من إفراز الغدد الثديية من إناث الثدييات، ومصداق ذلك قول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ﴾ (النحل: 66)، فلا بد عند الحديث عن اللبن المخمر أو الرائب Yogurtمن إضافة كلمة "رائب" أو "مخمر" لتمييزه عن اللبن الطبيعي غير المخمر، أي الحليب. وقبل أن نشرع في الحديث عن لبن الإبل لا بد من التعرف على هذا المخلوق العجيب، الذي عرف منذ القدم بلقب "سفينة الصحراء".
نبذة تاريخية
تنتمي الإبل، وهي الجمال الكثيرة وتشمل الجمال والنوق، إلى الفصيلة الإبلية Camelidae، وهي نوعان من جنس واحد، أحدها الجمل العربي ذو السنام الواحد Camelus dromedaries الذي ينتشر في المناطق الحارة كالبلدان العربية في آسيا وإفريقيا، والراجح أنه قد استؤنس في وسط شبه الجزيرة العربية وجنوبيِّها منذ أقل من خمسة آلاف سنة، ويتبعه معظم إبل العالم، ومنه سلالات كثيرة مختلفة الألوان والمزايا. أما الآخر فذو السنامين Camelus bactrianus ، وهو قاتم اللون طويل الوبر وينتشر في البلدان الباردة مثل بلاد المغول أي منغوليا وجنوب الصين وكازاخستان. ويقدر عدد رؤوس الجمال في العالم ،تبعاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة الدولية للعام 2008، بقرابة 20 مليون رأساً، يتواجد معظمها في الصومال من القرن الإفريقي.
تعد الإبل عبر التاريخ مصدراً مهماً لغذاء الإنسان، ووسيلة رئيسة للتنقل، وكذا لإنتاج الوبر الذي يدخل في صناعة أنسجة الخيام وبعض الألبسة، فضلاً عن استخدامها في اللعب كسباق الهجن وغيرها. وتقوم النوق، أي أنثى الإبل، بدور مهم في تزويد الإنسان باللبن، حيث ينتشر استخدام لبنها خاصة في جزيرة العرب والسودان، كما ينتشر استخدام لبن الإبل المخمر في العديد من بلدان العالم كالهند وروسيا والسودان.
وقد عرف استخدام لبن الإبل في علاج عديد من الأمراض عبر التاريخ، ومايزال يستخدم في الطب الشعبي كعلاج للخرَب واليرقان والسل الرئوي والأزمة الصدرية واللشمانيا أو الداء الأسود. ومؤخراً، ازداد البحث العلمي حول استخدام لبن الإبل في علاج الأمراض والوقاية منها، حيث أظهرت دراسات علمية تميز هذا اللبن بخصائص علاجية واستطبابية سنأتي على ذكرها تفصيلاً.
ولا تقتصر جوانب التميز في الإبل على اللبن فحسب، بل تتعداها إلى بوله، والذي بات يستعمل في علاج حالات مرضية مثل الالتهاب الكبدي والاستسقاء، وكان من قبل يستعمل في علاج عدد من الأمراض. وفي هذا السياق نستذكر الحديث النبوي الشريف الذي يظهر أهمية ألبان الإبل و أبوالها في الاستشفاء من الأدواء، حيث جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أمر الأعراب الذين جاؤا إلى المدينة وقد هزلت أجسامهم واصفرت جلودهم وانتفخت بطونهم بأن يلحقوا بإبل المسلمين التي ترعى خارج المدينة وأن يأخذوا من ألبانها وأبوالها، ففعلوا حتى شفوا مما أصابهم.
إنتاج واستهلاك اللبن
نظراً لتمركز الإبل في المناطق الصحراوية والجافة في البلدان العربية المختلفة، فإن تقدير كمية إنتاج لبن الإبل أمر متعذَّر. ومع هذا فإن تقديرات منظمة الأغذية والزراعة الدولية للعام 2003 حول كمية إنتاج ألبان الإبل بنوعيها في العالم تقدر بحوالي 5.3 مليون طن في العام، يستهلك منها فقط 1.3 مليون طن بينما يذهب الباقي لاستهلاك صغار الحيوانات. وتعد الصومال أكبرَ منتجٍ للبن الإبل في العالم ، تليها المملكة العربية السعودية.
وتمتاز الإبل بقدرتها الفائقة على إنتاج اللبن على الرغم من الظروف القاسية التي تعيشها، وكذلك بغزارة الإنتاج وطول مدة العطاء إذا ما قورنت مع بقية الحيوانات اللبونة، ومع احتياجاتها الغذائية المتوسطة والأقل من غيرها من الحيوانات الشبيهة. وتقدر كمية إنتاج اللبن خلال مدة الإنتاج التي تقدر بحوالي 8-18 شهر بقرابة 1000-2000 كغم، ويقدر المتوسط اليومي لإنتاج اللبن لها بحوالي 3-10 كغم خلال تلك المدة، وقد تزداد هذه الكمية إلى 20 كغم/يوم في حال تحسن ظروف الإنتاج مثل توافر الماء والعلف والرعاية الصحية، حتى إنه قد سجلت كمية مقدارها 35 كغم في بعض الحالات الاستثنائية.
ويتم استهلاك معظم لبن الإبل من قبل مربي الإبل وعائلاتهم وحيواناتهم، في حين يتم تصدير القليل منه إلى الأسواق القريبة؛ نظراً لبعد المسافة بين أماكن الرعي والإنتاج، والأسواق في المدن الرئيسة. ومع هذا فقد تم إنتاج أنواع من لبن الإبل وتسويقها على المستوى التجاري، كما هو الحال في الإمارات العربية المتحدة حيث بات ينتَج لبن الإبل ويسوَّق في إمارة دبي تحت مسمى تجاري معروف هو ®Camelicious. ونتيجة لتزايد الطلب على استهلاك منتجات ألبان الإبل في أسواق الخليج العربي، فقد تم تطوير عدد من المنتجات الغذائية مثل لبن الشوكولاته والجبن والبوظة المثلجة المصنوعة من لبن الإبل، وكذلك اللبن الرائب والزبد، وهي منتجات ذات صفات حسية متقبلة وقيمة غذائية عالية ومرشحة لأن تكون منافساً لغيرها من منتجات الألبان التقليدية. وقد تم خلال العام المنصرم افتتاح مطعم للوجبات السريعة (اللحم المتبل أو البرجر وشطائر اللحم) المصنعة من لحوم الإبل في مدينة الرياض.
سائح اجنبي يشرب حليب الابل
خصائص لبن الإبل
عند الحديث عن لبن الإبل، فإن الحديث يقتصر على اللبن المأخوذ من النوع الشائع في المنطقة العربية أو ما عرف سابقاً بذي السنام الواحد، حيث يختلف في خصائصه ومكوناته عن الإبل ذي السنامين بسبب الاختلاف في طبيعة البيئة التي يعشها كل نوع ونوع الغذاء المتوافر لها. ومن الخصائص العامة التي يمتاز بها لبن الإبل أنه ذو لون أبيض داكن غير ناصع، وذو مذاق متقبل، وهو مذاق يجمع بين الطعم الحلو والحاد، ويأخذ صفة الملوحة أحياناً كثيرة تبعاً لنوع العلف الذي يتناوله وكمية مياه الشرب. كما يمتاز لبن الإبل أنه أقل لزوجة من لبن البقر، وتبلغ درجة حموضته 6.5-6.7 ، وقد تنخفض إلى 6.0 في بعض الحالات، وهي درجة حموضة أقل من تلك التي للبن البقر ومشابهة تقريباً للبن الغنم.
ومن أغرب ما يمتاز به لبن الإبل عن غيره قدرته على البقاء في ظروف الجو العادية وبدون معاملة حرارية لمدة زمنية ممتدة دون حدوث تغيرات سلبية على قوامه وطعمه ورائحته. ففي حين يحتاج لبن البقر إلى 3 ساعات لتزداد حموضته عند تركه على درجة حرارة الغرفة، فإن لبن الإبل يحتاج إلى ثمان ساعات كي يصل إلى نفس مستوى الحموضة، وفي حين يحتاج لبن البقر إلى 48 ساعة ليصبح طعمه شديد الحموضة لاذعاً ولكي يتجبن البروتين فيه؛ فإن لبن الإبل يحتاج إلى سبعة أيام في نفس الظروف. ولعل من أبرز ما يكسب لبن الإبل تلك الخصائص المقاومة للفساد احتواؤه على مركبات مانعة لنمو الجراثيم مثل إنزيم اللايسوزيم المحلل للميكروبات وبروتينات اللاكتوفيرين والبروتينات المناعية بكميات أكثر مما تحتويها أنواع اللبن الأخرى.
تركيب لبن الإبل
يعد لبن الإبل غذاءً كاملاً، أي أنه يغطي الاحتياجات الغذائية للكائن الحي كاملة ، ولكن ليس للإنسان بل لصغار الإبل الرضيعة، وهو مع هذا يعد غذاءً ذا قيمة غذائية وصحية عالية للإنسان، وإن لم يكن غذاء كاملاً. وقد اهتم العلماء والباحثون في دراسة مكوِّنات لبن الإبل وتركيبه، وأظهرت نتائج الدراسات تبايناً واختلافاً واضحاً في قيم التحليل، وذلك لاختلاف ظروف الإنتاج كالعوامل البيئية والجغرافية والموسمية، الصيف والشتاء، ووفرة الماء ونوع العلف المقدم للإبل في كل دراسة، وكذا تبعاً لطرق التحليل وطرائق أخذ العينات. وبالنظر إلى مجمل الدراسات المنشورة ، حسبما أوردتها دراسة المراجعة العلمية للعالِمين الحاج والكنهل، والمنشورة في الدورية العالمية لبحوث الألبان للعام 2010، فإن متوسط قيم التحليل الغذائي للبن الإبل كان على النحو التالي:
البروتين (3.1%): يتفاوت محتوى لبن الإبل من البروتين تبعاً للاختلاف في نوع السلالة التي ينتمي اليها، وتبعاً للموسم الذي يتم فيه الرعي، حيث أظهرت الدراسات احتواء سلالة جمال "المجاهيم" كميات من البروتين أكبر من تلك في غيرها من السلالات، وأظهرت الدراسات أن كمية البروتين تقل في فصل الصيف في حين ترتفع في فصل الربيع. ولعل من أبرز ما يميز بروتين لبن الإبل احتواؤه على كميات كبيرة من نوع البروتين المعروف بالكازيين Casein، والذي يمثل أكثر من نصف أنواع البروتين الموجودة في اللبن (50-80% من كمية البروتين)، في حين يمثل النوع الآخر المعروف ببروتين الشِّرش Whey الجزء الأقل المتبقي منه. ومن خصائص بروتين الكازين التي تكسب لبن الإبل ميزة إضافية أنه النوع الأسهل هضماً والأقل تسبباً بالتحسس لأمعاء الطفل الرضيع، إذا ما قورن بغيره من أنواع البرويتن كتلك لموجودة في لبن البقر، وهو ما يجعل لبن الإبل أقرب وأكثر شبهاً بلبن الإنسان من لبن البقر، وأكثر أماناً ضد التحسس. وبالنظر إلى نوعية الأحماض الأمينية المكونة لبروتين لبن الإبل، فقد أظهرت الدراسات تشابها بين أنواع الأحماض الأمينية في كل من لبن الإبل والبقر، مع اختلاف بسيط يتمثل في انخفاض محتوى الأول من الأحماض الأمينية الجلايسين والسيستيين بالمقارنة مع الثاني. أما عن المكون الآخر من البروتين، أي بروتين الشرش، فإنه يتواجد بكميات أقل مما هو عليه الحال في بروتين لبن البقر.

صور لحليب الابل المليء بالرغوة
الدهون(3.5%): يتراوح محتوى الدهون في لبن الإبل ما بين 1.2-6.4%، وبمتوسط مقداره 3.5%. ويقترن الاختلاف في محتوى الدهون بلبن الإبل بمحتوى البروتين فيه،كما يقل محتوى الدهون بشكل كبير في حالات الجفاف وعطش الإبل، ويصل الانخفاض إلى 74% عن المحتوى الأصلي. ويعزى اللون الأبيض الأقل اصفراراً للبن الإبل بالمقارنة مع لبن البقر، الأكثر اصفراراً، إلى تدني كمية مركبات الكاروتين في الأول مقارنة بالثاني. و يمتاز لبن الإبل باحتوائه على كميات أكبر من الأحماض الدهنية طويلة السلسلة مقارنة بدهون لبن البقر، فضلاً عن احتوائه على كميات أكبر من الأحماض الدهنية غير المشبعة ،بنسبة تصل إلى 43%، وكميات أقل من الأحماض المشبعة بالمقارنة مع لبن البقر؛ ما يجعل من لبن الإبل خياراً مناسباً لمرضى القلب وارتفاع دهون وكوليسترول الدم. وفي المقابل، فإن لبن الإبل يحوي كميات متفاوتة من الكولسترول ترتفع أو تنخفض أحياناً بالمقارنة مع لبن البقر، تبعاً لعوامل الرعاية المختلفة.
سكر اللبن (اللاكتوز) (4.4%): يعد محتوى سكر اللبن الأقل تأثراً بظروف الرعي والمناخ السائد وطبيعة العلف والأكثر ثباتاً بخلاف غيره من العناصر الغذائية.وبالنظر إلى جداول التركيب الغذائي، نجد أن محتوى سكر اللاكتوز في لبن الإبل (4.4%) أقل من مثيله في لبن البقر (5.26%)، الأمر الذي يجعل من لبن الإبل أكثر أماناً وفائدة للمرضى الذين يعانون من حالة عدم تحمل سكر اللاكتوز، وهي حالة مرضية تنتشر في عدد من بلدان العالم وخاصة دول شرق آسيا، وينتج عنها حصول اضطرابات معوية بعد تناول اللبن. ويحصل هذا المرض نتيجة لغياب إنزيم اللاكتيز المحلل لسكر اللبن في الأمعاء بسبب اختلالات جينية لدى المرضى المصابين به.
الأملاح (0.79%): مثل غيرها من مكونات اللبن، تختلف كمية الأملاح المعدنية باختلاف السلالة والظروف البيئية. ويعد لبن الإبل مصدراً مميزاً لعنصر الكلوريد، وذلك نتيجة لارتفاع محتوى هذا المعدن في النباتات التي يعتمد عليها الجمل في غذائه.و بالمجمل، فإن محتوى لبن الإبل يعد مرتفعاً من الأملاح النزرة كالزنك والحديد والنحاس والمنغنيز والكبرى كالصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد، في حين يتشابه محتوى لبن الإبل مع لبن البقر في كل من الكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم. وبالنظر إلى سلوك الجمال، وجد الباحثون أنها تميل نحو تناول النباتات الرعوية المحبة للملوحة، وذلك كوسيلة طبيعية لتعويض الفاقد من الأملاح من جسمها نتيجة للتعرق والتعرض للحر لمدد زمنية طويلة، الأمر الذي يجعل من طعم اللبن حلواً ومائلاً للملوحة قليلاً.
الفيتامينات: يحوي لبن الإبل كغيره من أنواع اللبن كميات متفاوتة من فيتامينات (ج) و (هــ) و (د) و (أ) وبعض فيتامينات (ب) المركب، ولكنه في المقابل يمتاز عن غيره من أنواع اللبن باحتوائه كميات زائدة من فيتامين ج، وهي كمية تزيد عن تلك الموجودة في لبن البقر بـ3-5 أضعاف. وهذا الفيتامين معروف بدوره في منع التأكسد والمساهمة في بناء الأنسجة الضامة وتقوية المناعة ضد الأمراض. وعليه فإن لبن الإبل يمكن أن يسهم بشكل كبير في تزويد سكان الصحراء بحاجتهم من هذا الفيتامين الذي اعتاد أهل الريف والحضر على الحصول عليه من الخضروات والفواكه، وأن تواجد فيتامين ج بهذه الكمية الكبيرة نسبياً يسهم كذلك في إطالة أمد صلاحية اللبن ورفع مقاومته للفساد الحسي الناتج عن التأكسد الهوائي لدهونه. وبالإضافة إلى هذا الفيتامين، يحوي لبن الإبل كمية أكبر من فيتامينات حمض البانتوثينيك وحمض الفوليك وكوبالامين (ب12) ونياسين (ب 3) مقارنة بمثيله من لبن البقر. وفي المقابل، فإن لبن الإبل تقل فيه كميات فيتامينات أ و ريبوفلافين (ب2). وتبعاً للتوصيات الغذائية الأمريكية، فإن كوباً واحداً من لبن الإبل يلبي 15.5% من حاجة جسم البالغ من فيتامين الكوبالامين (ب12)، و8.25% من حاجته من الريبوفلافين (ب2)، و5.25% من فيتامين أ، و10.5% من كل من فيتامينات ج وثيامين (ب1) وبيرودوكسين (ب6).
منتجات لبن الإبل
إن التطور التقني والاهتمام العلمي بلبن الإبل قد أسهم في تطوير عديد من المنتجات الغذائية منه، وأصبحت هذه المنتجات موضع اهتمام المستهلكين؛ نظراً لما يكشفه العلم الحديث من حقائق حول فوائده، ومن بعدها فوائد منتجاته، ولارتقاء مستوى الوعي الصحي والغذائي لدى المستهلكين. وعلى الرغم من ذلك، فإن منتجات لبن الإبل تبقى أكثر محدودية وأقل انتشاراً، وذلك لسبب بسيط هو قلة كميات الإنتاج بالمقارنة مع غيره من أنواع اللبن، كالبقر والغنم. بالإضافة إلى جملة من العوامل الأصيلة فيه والتي تعيق عملية تطوير المنتجات الغذائية كالجبنة وغيرها، ومنها:
أ‌. طول مدة التجبن للبروتين: وهذا الأمر يجعل من المدة اللازمة لتجبن بروتين اللبن 3-5 أضعاف المدة اللازمة لتجبن لبن البقر. ويعزى هذا الامر أساساً إلى الاختلاف المذكور في محتوى وطبيعة بروتينات لبن الإبل المذكورة تحت بند البروتين المتمثلة في بروتين الكازيين المسؤول عن التجبن.
ب‌. ضعف الخثرة: ويعزى ذلك إلى التدني النسبي لمجموع المواد الصلبة في لبن الإبل (11.9%) مقارنة مع مثيلاتها في لبن البقر والغنم، وخاصة بالنسبة لبروتين الكازيين. كما تعزى هذه الخاصية كذلك إلى صغر حجم حبيبات الدهن في لبن الإبل مقارنة مع لبن البقر.
ت‌. ضعف تأثير المنفحة (إنزيم التجبن Rennet) المسببة للتجبن: حيث أظهرت الدراسات أن الخثرة الناتجة عن تجبن لبن الإبل تعد ضعيفة وغير متماسكة، الأمر الذي ينعكس سلباً على الخصائص الحسية للمنتجات المشتقة منها.
ث‌. تدني كمية إنتاج الجبن: تقل كمية الجبن الطري الناتج عن تجبين لبن الإبل عن مثيلتها في لبن البقر بحوالي النصف، ففي حين ينتج كيلو غرام اللبن البقري حوالي ربع كيلو غرام من الجبن؛ فإن لبن الإبل ينتج نصف هذه الكمية (حوالي 120 غم) ، الأمر الذي يجعل من لبن الإبل مصدراً غير مجدٍ للجبن من الناحية الاقتصادية.
الخصائص الوظيفية للبن الإبل
برز في العقدين المنصرمين مفهوم "الأغذية الوظيفية" Functional Foods نتيجة لتطور الفهم العلمي لدور بعض الأغذية كمصدر للعناصر الغذائية فحسب إلى مصدر لمركبات حيوية نشطة تسهم في الحد من الإصابة بالأمراض أو الوقاية منها والتخفيف من حدتها، بالإضافة إلى العناصر الغذائية الأساسية. ونتيجة للتطور الحاصل في البحث العلمي حول لبن الإبل، فقد تطورت النظرة إلى القيمة الغذائية والصحية لهذا المنتج من كونه مصدراً للبروتينات والأحماض الأمينية فقط، إلى مصدر متميز للعديد من المركبات النشطة ذات الخصائص الوظيفية والصحية المتعددة، ما يجعل من لبن الإبل مرشحاً للانضمام إلى قائمة الأغذية الوظيفية.
وخلال العقود المنصرمة، أظهر عديد من الدراسات العلمية أن للبن الإبل كثير من الفوائد الصحية، فضلاً عن الغذائية، نتيجة لوجود تلك المركبات الحيوية النشطة طبيعياً في لبن الإبل. وتؤكد أوجه الاستعمال الكثيرة التي تعارف الناس عليها منذ مدد طويلة من الزمن وفي عدد من المجتمعات البشرية، أن للبن الإبل الطازج أو المخمر فوائد صحية، وقد استخدم في علاج العديد من الامراض مثل الخرب واليرقان والسل الرئوي والأزمة الصدرية واللشمانيا أو الداء الأسود. ولذا فقد قام العلماء بسبر أغوار تلك المركبات لتحديد ماهيتها وكمياتها وطرائق تأثيرها على صحة الجسم، فكان منها:
1. التأثير المخفض لارتفاع ضغط الدم: ويعزى إلى قدرة بروتينات لبن الإبل على منع وتثبيط إنزيم يرمز له بالرمز ACE، وهو إنزيم مسؤول عن رفع ضغط الدم من خلال زيادة قدرة الجسم على حبس السوائل ومنع طرحها خارجاً. ويزداد هذا التاثير المخفض لارتفاع الضغط من خلال تخمير لبن الإبل وإنتاج اللبن الرائب منه، حيث تسهم البكتيريا النافعة المسؤولة عن التخمر في زيادة كمية البروتينات المثبطة لهذا الإنزيم.
2. التأثير المخفض لكولسترول الدم: أظهرت نتائج عدد من الدراسات التجريبية على الإنسان والحيوان قدرة لبن الإبل على خفض كولسترول الدم. وقد تعددت الفرضيات التي وضعت لتفسير هذا التأثير، فكان منها وجود حمض الاوروتيك Orotic acid وغيرها من الفرضيات التي تتمحور حول دور بروتينات اللبن في الحد من ارتفاع كولسترول الدم.
3. التأثير المخفض لسكر الدم: أظهرت نتائج الدراسات العلمية أن للبن الإبل دوراً مباشراً في خفض سكر الدم، وأكدت ذلك الدراسات التي أثبتت أن قبيلة الرايكا الهندية تمتاز بتدني الإصابة بداء السكري بين أهلها، نتيجة لارتفاع مستوى استهلاكهم للبن الإبل بالمقارنة مع غيرهم من السكان. كما أظهرت دراسات أخرى أن للبن الإبل قدرة على ضبط مستوى السكر في حيوانات التجارب المصابة بداء السكري من النوع الاول. ويعزى هذا التأثير إلى احتواء لبن الإبل على كميات كبيرة من مركبات طبيعية شبيهة بالانسولين المسؤول عن ضبط سكر الدم، كما أن لصغر حجم البروتينات المناعية في لبن الإبل دوراً في التقليل من ارتفاع سكر الدم من خلال تأثيرها الإيجابي على خلايا بيتا المفرزة لهذا الهرمون المنظم.
4. التأثير المضاد للأحياء المجهرية: أظهرت العديد من الدراسات قدرة لبن الإبل على مقاومة ومنع نمو الأحياء الدقيقة الممرضة مثل البكتيريا الموجبة لصبغة غرام مثل الليستيريا والاشيريشية القولونية والعنقودية الذهبية والسالمونيلا. وكما ذكر سابقاً، فإن هذا التأثير يعزى إلى وجود مركبات مانعة لنمو الجراثيم مثل إنزيم اللايسوزيم وبروتين اللاكتوفيرين وإنزيم اللاكتوبيروكسيديز والبروتينات المناعية المختلفة، وهي مركبات تتواجد بكميات أكبر في لبن الإبل بالمقارنة مع لبن البقر. ومع أهمية هذه الخاصية من الناحة الصحية، إلا أن لها تأثيراً سلبياً في عملية صنع اللبن الرائب من لبن الإبل، بفعل إنزيم اللايسوزيم الذي يعمل على إطالة الوقت اللازم لتكوين خثرة اللبن.
5. التأثير المخفض للتحسس. اقترح لبن الإبل مؤخرا ليكون الخيار الأفضل للذين يعانون من مرض تحسس بروتين اللبن البقري، وهو بديل أفضل من لبن فول الصويا الذي أظهرت الدراسات العلمية أنه يسبب التحسس كذلك لعدد من هؤلاء المرضى.
الخاتمة:
إن النتائج التي أبرزتها الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أهمية لبن الإبل كأحد الأغذية الوظيفية والصحية المهمة، الأمر الذي يدفعنا إلى مزيد اهتمام بإكثار الإبل وزيادة أعدادها وتضخيم مزارعها، وكذا الاهتمام بلبنها من خلال تحسين ظروف ومدخلات إنتاجه وتطوير منتجاته، فضلاً عن تكثيف البحوث العلمية حول علاقته بالعلاج والوقاية من الأمراض المزمنة والمستعصية التي يزداد انتشارها في بلادنا يوماً بعد يوم، وخاصة السكري وأمراض القلب الوعائية والمتلازمة الأيضية وأنواع السرطان المختلفة.
ملاحظة مهمة: اعتمد هذا المقال أساساً على المراجعة العلمية المنشورة في الدورية العالمية لبحوث الألبان:
Omar A. Al Haj, Hamad A. Al Kanhal. (2010). Compositional, technological and nutritional aspects of dromedary camel milk. International Dairy Journal, 20:811-821.
المراجع:
1. .قاموس القرآن الكريم/معجم الحيوان، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ط 2، الكويت،1997 ، (النسخةالالكترونية).

علماء الغرب يكتشفون الفطرة

| 0 التعليقات



علماء الغرب يكتشفون الفطرة


يقول العلماء (ذا رمينا أطفالاً لوحدهم على جزيرة و تربوا بأنفسهم فسيؤمنون بالله)
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ » ثُمَّ يَقُولُ ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) –صحيح البخاري باب تفسير الروم-
{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) –الروم-
قال ابن كثير في تفسيره (كتاب تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي):
قول تعالى: فسدد وجهك واستمر على الذي شرعه الله لك، من الحنيفية ملة إبراهيم، الذي هداك الله لها، وكملها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة، التي فطر الله الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه على [معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره، كما تقدم عند قوله تعالى: { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } [الأعراف: 172]، وفي الحديث: "إني خلقت عبادي حُنَفاء، فاجتالتهم الشياطين عن دينهم"
نشر موقع صحيفة التلغراف البريطانية نتائج بحث بتاريخ نوفمبر 2008 :
صورة عن الخبر في موقع صحيفة التلغراف البريطانية على شبكة الإنترنت
إليكم نص الخبر كما هو:
باحثين يتوصلون إلى أن الأطفال يولدون مؤمنين بالله
"الاطفال يولدون مؤمنين بالله ولا يكتسبون الأفكار الدينية عبر التلقي " كما يقول أكاديمي.
الدكتور جاستون باريت (Dr Justin Barrett) , باحث متقدم في مركز علم الانسان والعقل في جامعة أوكسفورد, يقول بأن الأطفال الصغار لديهم القابلية المسبقة للايمان ب"كائن متفوق" لأنهم يعتبرون أن كل ما في هذا العالم مخلوق لسبب.
صورة للدكتور جاستون باريت
و يقول هذا الباحث بأن الأطفال الصغار لديهم ايمان حتى اذا لم يتم تلقيمهم ذلك عبر المدرسة او الأهل, و يضيف بأنه حتى اذا نشأو بمفردهم على جزيرة صحراوية فسيتوصلون للايمان بالله.
"غالبية الأدلة العلمي في العقد الماضي أظهرت أن الكثير من الأشياء تدخل في البنية الطبيعية لعقول الأطفال مما ظننا مسبقا , من ضمنها القابلية لرؤية العالم الطبيعي على أنه ذو هدف ومصمم بواسطة كائن ذكي مسبب لذلك الهدف", كما قال لراديو BBC
"اذا رمينا أطفالاً لوحدهم على جزيرة و تربوا بأنفسهم فسيؤمنون بالله" -كما يقول الباحث- في محاضرة سيتم القائها في معهد فاراداي في جامعة كامبردج يوم الثلاثاء, الدكتور باريت سيروي اختبار نفسي تم القيام بها على أطفال يؤكد بأنهم و بشكل فردي يؤمنون بأن كل شيء مخلوق لسبب محدد.
في دراسة واحدة, تم سؤال أطفال بعمر السادسة و السابعة عن سبب وجود الطير الأول فأجابوا "لاصدار أصوات جميلة" و "لتجعل العالم يبدو جميلا".
و أظهر اختبار آخر على أطفال بعمر 12 شهرا بأنهم تفاجؤ عند مشاهدنهم لفيلم يظهر فيه طابة متدحرجة صنعت جدارا منظما من كومة قطع مبعثرة.
و يقول الدكتور باريت بأنه يوجد دليل آخر وهو بأن الأطفال -حتى في عمر الأربع سنوات- يفهمون بأنه مع كون بعض الأشياء هي من صنع الانسان,
صورة لغلاف كتاب Why Would Anyone Believe in God (لماذا يجب على كل شخص أن يؤمن بالله ) تأليف جاستون باريت
العالم الطبيعي مختلف عن ذلك.
و يضيف بأن ذلك يعني بأن الأطفال يميلون للايمان بالخلق و ليس بالتطور, بغض النظر عما سيقوله لهم المعلمون أو الأهل.
و يقول الدكتور باريت بأن علماء الانسان قد وجدوا في بعض الثقافات أطفال يؤمنون بالله مع أن التعاليم الدينية ليست في متناولهم.
"العقول الناشئة بشكل طبيعي للأطفال تجعلهم يميلون للايمان في خلق الاهي و تصميم ذكي بدل التطور فهو غير طبيعي للعقول البشرية و صعب التقبل و الاستيعاب.
بقلم مارتن بيكفورد
 مراسل الشؤون الدينية في صحيفة التلغراف
المصدر:

Children are born believers in God, academic claims

Why Would Anyone Believe in God

الإعجاز العلمي في حديث الثلث

| 0 التعليقات



الإعجاز العلمي في حديث الثلث

 د. عبد الجواد الصاوي
  روى الترمذي في صحيحه(1) عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِن بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ
فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ * كما رواه ابن ماجه في سننه(2) عن نفس الصحابي: الْمِقْدَامَ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ * ورواه الإمام أحمد في مسنده عن نفس الصحابي أيضًا(3). 
    أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث إلى عدة حقائق، فقد شبه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المعدة (المشار إليها في الحديث بالبطن) بالوعاء.  وأخبر النبي  أن ملء هذا الوعاء بكثرة الأكل شر على الإنسان. ونصح بالاكتفاء من الطعام على قدر الاحتياج، وقسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجم المعدة إلى ثلاثة أقسام وأخبر أن أكبر كمية من الطعام والشراب يمكن أن يتناولها المرء عند الحاجة الملحّة هي مقدار ما يملأ ثلثي حجم المعدة. وأخبر ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ترك ثلث حجم المعدة خاليًا من الطعام والشراب ضروري لنَفَس الإنسان. وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقائق وأيدها، وتقسيم حجم المعدة إلى ثلاثة أثلاث: ثُلُثين للطعام والشراب، وثُلُثٌ للنَّفَس، لم يُذكر سُدًى في هذا الحديث بل لحكمة بالغة تجلت ووضحت في هذا الزمان، فإذا سأل سائل لماذا هذا التقسيم وتحديده بالثُّلُث؟ ثم كم مقدار هذا الثُّلُث؟ وما الذي يحدث إذا تجاوز المرء ولم يلتزم بهذا التوجيه النبوي؟ ـ أمكن إجابته على ضوء المعارف الطبية الحديثة، وفي هذا المقال سأحاول الإجابة على هذه الأسئلة وفق ما استقر من حقائق اكتشفت حديثًا في مجال علم التشريح ووظائف الأعضاء معتمدًا على الركائز التالية:
1 ـ شرح بعض علماء المسلمين للحديث.
2 ـ إيراد أبرز المعارف العلمية الحديثة المتعلقة بموضوعه.
3 ـ إبراز وجه الإعجاز العلمي في هذا الحديث العظيم.
أولاً: أقوال شُرّاح الحديث
1 ـ  أضرار امتلاء المعدة:
   لقد تعددت مظاهر استنباط العلماء للحِكَمِ الصحية في هذا الحديث، فقد أفرد ابن القيم في الطب النبوي فصلاً حول هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الاحتماء من التخم والزيادة في الأكل على قدر الحاجة، والقانون الذي ينبغي مراعاته في الأكل والشرب فقال(4): (والأمراض نوعان: أمراض مادية تكون عن زيادة مادة: أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية، وهي الأمراض الأكثرية. وسببها: إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع، البطيئة الهضم؛ والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة. فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية، واعتاد ذلك ـ أورثته أمراضًا متنوعة، منها بطيء الزوال أو سريعه. فإذا توسط في الغذاء، وتناول منه قدر الحاجة، وكان معتدلاً في كميته وكيفيته كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.
   فامتلاء البطن من الطعام مضر للقلب والبدن. هذا إذا كان دائمًا أو أكثريٌّا وأما إذا كان في الأحيان، فلا بأس به؛ فقد شرب أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ بحضرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من اللبن، حتى قال: (و الذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكًا)؛ وأكل الصحابة بحضرته مرارًا حتى شبعوا. والشبع المفرط يضعف القوى والبدن، وإن أخصبه. وإنما يقوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء، لا بحسب كثرته).
 وقال الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي(5): (روي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (أصل كل داء البردة)، وروي أيضًا عن ابن مسعود. والبردة: التخمة، لأنها تبرد حرارة الشهوة، فينبغي الاقتصار على الموافق الشهي بلا إكثار منه. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ ابن آدم وعاء شرٌّا من بطن، بحسب ابن آدم أُكُلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه). وأُكُلات جمع أُكُلة، وهي اللقمة، وهذا باب من أبواب حفظ الصحة.
    وقال عمر ـ رضي الله عنه: (إياكم والبطنة، فإنها مفسدة للجسم، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم والقصد فإنه أصلح للجسد، وأبعد عن السرف، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين) رواه أبو نعيم. واعلم أن الشبع بدعة ظهرت بعد القرن الأول، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء) (متفق عليه)، ولا تدخل الحكمة معدة ملئت طعامًا، فمن قل طعامه قل شربه، ومن قل شربه خف منامه، ومن خف منامه ظهرت بركة عمره، ومن امتلأ بطنه كثر شربه، ومن كثر شربه ثقل نومه، ومن ثقل نومه محقت بركة عمره، فإذا اكتفى بدون الشبع حَسُنَ- اغتذاء بدنه، وصلح حال نفسه وقلبه.
   ومن تملى من الطعام ساء غذاء بدنه، وَأَشِرَت نَفْسُه وقسا قلبه، فإياكم وفضول المطعم فإنه يَسِمُ القلب بالقسوة، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة، ويصم الأذن عن سماع الموعظة).
 2 ـ المعدة: ثلاثة أقسام
   قال ابن القيم: ومراتب الغذاء ثلاثة (أحدها): مرتبة الحاجة؛ (والثانية): مرتبة الكفاية؛ (والثالثة): مرتبة الفضلة. فأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوته ولا تضعف معها؛ فإن تجاوزها: فليأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث الآخر للماء، والثالث للنفس.
  وهذا من أنفع ما للبدن والقلب؛ فإن البطن إذا امتلأ من الطعام، ضاق عن الشراب. فإذا أورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب، وصار محمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل. هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب، وَكَلِّ الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع(4).
  وقال الحافظ ابن حجر(6): قال القرطبي في (شرح الأسماء): لو سمع بقراط بهذه القسمة لعجب من هذه الحكمة. وقال الغزالي قبله في (باب كسر الشهوتين) من (الإحياء): ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة فقال: ما سمعت كلامًا في قلة الأكل أحكم من هذا. ولا شك في أن أثر الحكمة في الحديث المذكور واضح، وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنها أسباب حياة الحيوان، ولأنه لا يدخل البطن سواها. وهل المراد بالثُّلُث التساوي على ظاهر الخبر، أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة؟ محل احتمال، والأول أولى.
ثانيًا: الطرح العلمي
المعدة: التركيب والوظيفة (11)
   المعدة هي جزء متســع من القناة الهضمية وتقـع بين المريء والأمعــاء الدقيقــة ويقــع معظمها تحت الغشــاء المبطن للضلـوع، وتتمثل على ظاهر البطن في المنطقة الشراسيفية (Epigastric Region)، ومنطقة السرة ومنطقة الربع الأيسر الأعلى من البطن انظر الشكل (1) وتحيط بها من الداخل الأعضاء التالية:

شكل (1): يبين موقع المعدة على ظاهر البطن يمكن الضغط على الصورة لتكبيرها
  من الأمام: الفص الأيسر من الكبد وجدار البطن الأمامي. ومن الخلف: الجزء الباطني من الشريان الأورطي والبنكرياس والطحال والكلية اليسرى والغدة الكظرية.
ومن أعلى: الحجاب الحاجز والمريء والفص الأيسر من الكبد
ومن الأسفل: القولون المستعرض والأمعاء الدقيقة.
ومن الأسفل لليسار: الحجاب الحاجز والطحال.
ومن الأسفل لليمين: الكبد والاثنا عشر انظر الشكل (2)
شكل (2): أ ، ب  يبين المعدة والأعضاء المحيطة بها
  وتتصل المعدة بالمريء عند الصمام الفؤادي Cardiac Sphincterوهذا يمنع رجوع الطعـــام إلى المــريء كما تتصـــل بالأمعاء الدقيقة عند صمـــام البواب والذي يقفل عندما تحتوي المعدة على الطعام، ويقسم علماء الطب المعدة إلى ثلاث مناطق:
   قاع المعدة Fundus، وجسم المعدة، ومنطقة الغار البوابي Pyloric Antrum، انظر الشكل (3) وتصــــل للمعــــــدة الأعصاب الودية Sympathatic nervesمن الشبكة البطنية Coeliac Plexusوهي المسؤولة عندما تثار وقت الشدة في تثبيط حركة الأمعاء وتثبيط إفراز العصارة المعدية، بينما تصل إليها الأعصاب نظيرة الودية Parasympathatic nervesمن العصب المبهم Vagus nerveوهي المسؤولة عن تنشيط حركة الأمعاء وتنشيط إفراز العصارة المعدية، ويتجمع الطعام في المعدة في هيئة طبقات يبقى الجزء الأخير منه في قاع المعدة لبعض الوقت ثم يخلط بالعصارة المعدية بالتدريج كما يبقى لبعض الوقت أيضًا لإضافة العصارة الحمضية على الطعام لوقف عمل أنزيمات اللعاب Salivary Amylase 
شكل (3) منظر داخلي للمعدة يبين أقسامها الثلاث وصماماته
شكل رقم(4) الغشاء المبطن للمعدة عندما تكون فارغة أضغط على الصور لتكبيرها
   ويتركب جدار المعدة من ثلاث طبقات من العضلات: طبقة خارجية من ألياف عضلية طولية، وطبقة متوسطة من ألياف عضلية مستديرة، وطبقة داخلية من ألياف عضلية مائلة، وهذا التنظيم يسمح بالحركة الطاحنة المميزة لنشاط المعدة بالإضافة إلى حركتها الدودية، وتتقوى العضلات المستديرة في منطقة الغار البوابي والصمام البوابي؛ وذلك لإحكام إغلاق هذين الصمامين وقت الحاجة، أما الغشاء المبطن للمعدة فيكون في ثنيات طولية أو تجاعيد عندما تكون المعــدة فـارغة، وعند امتلائها تزول هذه التجاعيد وتصبح بطانة المعدة ذات ملمس مخملي، انظر الشكل (4)، وتحت هذا الغشاء توجد غدد عديدة لإفراز العصارة المعدية، وتفرز المعدة حوالي لترين من هذه العصارات في اليوم.
   ويعتمد إفراغ المعدة على نوعية الطعام بداخلها؛ فوجبة الكربوهيــدرات تـترك المعــدة بعد 2 ـ 3 ساعات، بينما تتأخر وجبة البروتينات إلى فترة أطول، وأما وجبة الدهنيات فتمكث فترة أطول منهما.
الحجم الأقصـى للمعدة:
   يختلف حجم المعدة بحسب كمية الطعام التي تحتويها. فحينما يدخل الطعام إلى المعدة نجدها تنتفخ تدريجيٌّا للخارج مستوعبة كميات أكبر وأكثر من الطعام ـ حيث تتمتع الألياف العضلية الملساء في المعدة بخاصية المرونة ـ حتى تصل إلى أقصى حد لها وهو حوالي لتر ونصف اللتر. ويظل الضغط داخل المعدة منخفضًا حتى تقترب من هذا الحجم(12) بناء على قانون لابلاس القائل بأنه كلما ازداد قطر الجسم كلما ازداد التقعر في جداره، فلا تسبب زيادة قطر المعدة ارتفاعًا في الضغط داخلها إلا بدرجات ضئيلة جدٌّا(13)، وبما أن حجم المعدة حوالي 1500 لتر يمكن تقسيم حجم المعدة إلى ثلاثة أقسام متساوية سعة كل قسم نصف لتر (500مل).
ثلث حجم المعدة الفارغ ضروري لِنَفَسِ الإنسان
  هناك علاقة حيوية بين المعدة والتنفس حيث تكمن المعدة في الجزء العلوي من التجويف البطني تحت الحجاب الحاجز مباشرة وتستقبل الطعام بعد مضغه وبلعه ومروره بالمريء. وللمعدة قدرة كبيرة على تغيير حجمها، فهي تبدو صغيرة عندما تكون فارغة، وتتمدد كثيرًا بعد تناول وجبة كبيرة، وعندئذ يشعر الإنسان بعدم الراحة وصعوبة في التنفس، ويعني ذلك أن المعدة قد امتلأت أكثر من اللازم حتى أصبحت تشغل حيزًا يزيد عن المعتاد فضغطت على الحجاب الحاجز. فأوجد هذا صعوبة في تقلصه وإعاقته عن الحركة إلى أسفل بالقدر اللازم لحدوث تنفس عميق. أ.هـ (9).
دورة التنفس وعلاقتها بالمعدة(11)
   تتكون دورة التنفس من الشهيق والزفير وفترة راحة بينهما، ويتسع القفص الصدري أثناء الشهيق نتيجة لنشاط عضلي ـ بعضه إرادي وبعضه غير إرادي ـ والعضلات الرئيسة التي تتحكم في التنفس الطبيعي الهادئ هي العضلات بين الأضلاع وعضلة الحجاب الحاجز، أما في التنفس الصعب أو العميق وهو تنفس طارئ فتتدخل فيه عضلات الرقبة والصدر والبطن.
   ويشكل الحجاب الحاجز فاصلاً بين التجويف الصدري والبطني؛ فهو يمثل أرضية للتجويف الصدري وسقفًا للتجويف البطني، ويقع في مقابل الفقرة الصدرية الثامنة في حال ارتخائه، وعندما تنقبض عضلته يتسع التجويف الصدري في الطول وذلك لاتصالها بالضلع الأول الثابت في الصدر، وعندئذ يقع الحجاب الحاجز مقابل الفقرة الصدرية التاسعة، انظر شكل (5) كما يتسع التجويف الصدري من الجانبين والأمام والخلف بسبب انقباض العضلات بين الضلوع، وهذا الاتساع يؤدي إلى انخفاض الضغط داخل التجويف الصدري وارتفاعه داخل التجويف البطني، وعندما تزداد سعة القفص الصدري بواسطة هذه الانقباضات العضلية تتحرك الجنبة الجدارية  Paraital Pleuraمع أسطح الصدر والحجاب الحاجز، وهذا يؤدي إلى خفض الضغط داخل التجويف البللوري فتتمدد الرئتان.
   ويؤدي تمددهما إلى انخفاض الضغط داخل الحويصلات والممرات الهوائية فيندفع الهواء إليهما لكي يتعادل ضغط هواء الحويصلات الهوائية مع الضغط الجوي. وقد وجد أن انخفاض هذا الضغط 1سم/ماء. ورغم أنه انخفاض طفيف إلا أنه كاف ليحرك حوالي نصف لتر من الهواء إلى الرئتين في خلال ثانيتين وهي المدة اللازمة للشهيق(13). انظر شكل (6)، كما أن انخفاض هذا الضغط داخل التجويف الصدري يساعد في رجوع الدم الوريدي غير المؤكسد إلى القلب ويعرف بمضخة التنفس. Respiratory pumb
حجم هواء التنفس
    تذكر المراجع الطبية الحديثة أنه مع كل شهيق وزفير في التنفس الطبيعي تدخل إلى الرئتين وتخرج منها حوالي500 ملليمتر من الهواء مع كل تنفس(11) وبما أن هذه الكمية تدخل وتخرج بانتظام كمد البحر فإنها لذلك تسمى الحجم المدي(Tidal Volum) وهو يقدر بجهاز خاص لقياس كمية الهواء المتبادل في عملية التنفس يسمى مقياس النفس( spirometer14).
 الطعام وكيف يستفيد منه الجسم؟
   يتكون الطعام الذي نأكله من البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون، والفيتامينات مخلوطة بأثر بسيط من معادن الأرض، ولقد هيأها الله سبحانه في صور شتى، وألوان مختلفة، وطعوم جذابة، ليتناولها الإنسان بشغف.
   ويستفيد الجسم من الطعام بتحوله إلى مكوناته الأولية وتحرر الطاقة الكامنة فيه بين جزئيات مواده وذراتها عبر عملية تسمى بالتمثيل الغذائي؛ والتي يمكن تلخيصها بعمليتي البناء والهدم. ففي عملية البناء تستخدم مكونات الغذاء المختلفة بعد تحللها بالعصارات الهضمية وامتصاصها في بناء الخلايا الجديدة، والمركبات الحيوية المختلفة، وفي عملية الهدم يقوم الجسم بحرق مكونات الطعام بخطوات دقيقة ومتدرجة حيث تؤكسد فيها: الكربوهيدرات، والبروتينات والدهون، منتجة ثاني أكسيد الكربون، والماء، والطاقة. ويستفيد الجسم من الطاقة التي حصل عليها في تشغيل أجهزته المختلفة، وفي الحركة، وفي إنتاج الحرارة اللازمة لحفظ درجة ثابتة لا تتغير، وما يزيد عن حاجته منها يخزن في مخازن خاصة تستجلب عند الحاجة إليها.
مصير الطاقة الفائضة
   تفيض الطاقة عن حاجة الجسم الفعلية وتختزن في داخله، إما على هيئة مواد غذائية مكثفة تنطلق منها الطاقة الكامنة فيها عند أكسدتها، كالدهون المختزنة تحت سطح الجلد وداخل الجسم، والبروتينات المختزنة في العضلات وخلايا الأنسجة الأخرى، والجليكوجين المختزن في الكبد والعضلات، ويتم اختزان الطاقة على هذه الهيئة أثناء المرحلة المتوسطة من التمثيل الغذائي، حيث تكون المركبات الكيميائية الناتجة من السكريات والأحماض الأمينية والدهون متشابهة إلى حد بعيد, ويمكن عندئذ تحويل كل منها للآخر ومقادير هذه الطاقة المختزنة في الشخص البالغ الذي يزن 70 كجم تصل إلى 166 ألف كيلو كالوري تشكل الدهون فيها أعلى نسبة، وهذه الطاقات تكفي لحياة الإنسان من شهر إلى ثلاثة شهور لا يتناول فيها طعامًا قط.
العلاقة بين تمدد الرئتين والغشاء البلّوري المحيط بهما
شكل (5): يبين الجزء السفلي من الرئة الذي يتمدد فيسمح بدخول هواء الشهيق عندما يهبط الحجاب الحاجز أضغط على الصورة لتكبيرها
   أو تختزن الطاقة في روابط كيميائية لبعض المركبات ذات القدرة على اختزان كميات هائلة منها في المرحلة الأخيرة من الهدم، حيث تتحول جميع المركبات الكيميائية إلى ثاني أكسيد الكربون وذرات الهيدروجين التي تتأكسد لتكون الماء، وتطلق الطاقة من هذه التفاعلات، ولا تستطيع الخلايا أن تستخدمها مباشرة، ولكنها تختزن في مركبات فوسفورية عالية الطــاقة،  وخـــير مثــال لهذه المركبات هو مركب الأدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP)، والذي يعتبر المخزن الرئيس للطاقة في الجسم، حيث تختزن الطاقة في هذا المركب العجيب حسب عدد روابطه الفوسفاتية، فالرابطة الثلاثية تختزن كمية أكبر من الرابطة الثنائية، والثنائية أكبر من الأحادية، وتنطلق الطاقة منه على مراحل حسب رابطة الفوسفات أيضًا، فعندما تتحول إلى أدينوزين ثنائي الفوسفات (A D P) تنطلق منه الكمية الأولى، وتنطلق الكمية الثانية عندما يتحول إلي أدينوزين أحادي الفوسفات (A M P)، ثم يرجع المركب مرة أخرى إلى صورتيه ـ بعدما تحمل ذرات الأكسجين فيه مزيدًا من الإلكترونات ـ مختزنًا بذلك كميات هائلة من الطاقة أثناء عملية الهدم، ليمد بها العمليات الحيوية في خلايا الجسم أثناء مرحلة البناء، وهكذا دواليك.
  إن الجزيء الواحد من الجلوكوز عندما يدخل إلى فرن الاحتراق في الخلية Mitochondriaينتج 38 جزيئًا من مركب الأدينوزين ثلاثي الفوسفات.
   وإذا علمنا أن الجزيء الواحد من هذا المركب يختزن طاقة من10 ـ 12 كيلو كالوري
   فانظر كم يعطي جزيء الجلوكوز الواحد من الطاقة المختزنة؟ وهل تتخيل كم يعطي الجرام منه، أو عدة جرامات؟ إنها أرقام فلكية! وهذا يمثل فقط (40%) من الطاقة المتحررة من جزيء الجلوكوز الواحد، أما الباقي وهو(60%)، فتنطلق كحرارة تنظم درجة حرارة الجسم.
   هذا بخلاف ما يعطيه الجرام منه من السعرات الحرارية ومقدارها 4,1 ك.ك
   ويعتمد عدد جزيئات الأدينوزين ثلاثي الفوسفات الناتج من أكسدة الأحماض الدهنية على عدد ذرات الكربون في جزيء الحمض الدهني فالذي يحتوي على 6 ذرات كربون فقط ينتج 44 جزيئًا من مركب أدينوزين ثلاثي الفوسفات. والذي يحتوي منها على 16 ذرة ينتج 129 جزيئًا من أدينوزين ثلاثي الفوسفات، والذي إذا حول إلى وحدات الطاقة يبلغ ما يعطيه جزيء الحمض الدهني هذا 1290 كيلو كالوري. فكم يعطي الجرام من الدهن؟(8).
  هذا بخلاف ما يعطيه الجرام منه من السعرات الحرارية ومقدارها 9,3 ك.ك
توازن الطاقة
   لقد هيأ الله ـ سبحانه وتعالى ـ جميع الكائنات الحية بحيث تكون لها طاقة متوازنة مع بيئتها، تأخذ منها على قدر حاجتها، إلا الحيوانات المستأنسة، أو الحيوانات ذات البيات الشتوي أو الإنسان، والذي إن قلت كمية الطاقة التي يتناولها في طعامه عن الطاقة اللازمة لعملياته الحيوية ونشاطاته المختلفة، يكون توازن الطاقة لديه سلبيٌّا، ويحصل الجسم على ما ينقصه منها مما اختزنه من الجليكوجين، والبروتين، والدهون، وبالتالي ينقص وزنه، كما يحصل التخزين بتناول كمية من الطعام أكثر من الحاجة اللازمة، فيزيد الوزن تبعًا لذلك.
الأضرار الناتجة عن الإفراط في الطعام في الطب الحديث
السمنة (البدانة) وما يصاحبها من أمراض:
   ترتبط السمنة بالإفراط في تناول الطعام خصوصًا الأطعمة الغنية بالدهون، وهي مشكلة واسعة الانتشار، وقد تقترن بزيادة خطر الأمراض القلبية الوعائية، مثل قصور القلب، والسكتة القلبية، ومرض الشريان التاجي، ومرض انسداد الشرايين المحيطة بالقلب، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وارتفاع دهون الدم. ولا شك أن جلطة القلب لها علاقة بالسمنة وكذلك حصيات المرارة وداء النقرس وهو مرض مزمن يسبب نوبات من الآلام المفصلية، وينتج عن زيادة الحامض البولي في الدم، فينشأ عن ذلك ترسب هذا الحامض البولي على شكل بلورات من يورات الصوديوم حول المفاصل، ومن أهم أسبابه: الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالمواد البروتينية (كاللحوم والأسماك) والأطعمة الغنية بالنيكلوبروتين (كالمخ والمخيخ والكبد ولوزة العجل).
شكل (7): عضلة الحجاب الحاجز عندما تنقبض أليافها العضلية يرتخي وسطها الوتري إلى أسفل أضغط على الصورة لتكبيرها
   وهناك أمراض أخرى لها علاقة بالسمنة أيضًا مثل: دوالي الساقين، فتق المعدة، الإمساك، الالتهابات، بطء شفاء الجروح، والتهاب المفاصل التنكسي(7).
   وتحــدث الســمنة نتيجة لاضطــراب العلاقة بين ثلاثة عناصر من الطاقة وهي: الكمية المستهلكة من الطعام، والطاقة المبذولة في النشاط والحركة، والطاقة المختزنة على هيئة دهون بصفــة أساسية، فالإفراط في تناول الطعام مع قلة الطاقة المبذولة في الحركة يؤدي إلى ظهور السمنة خصوصًا مع توفر وسائل الحياة المريحة.
   إن الإنسان العادي يستهلك حوالي 20 طنٌّا من الطعام في فترة حياته، وحدوث نسبة 25% من الخطأ في توازن الطاقة يؤدي إلى زيادة في الوزن تبلغ 50كجم، وهذه الزيادة عند شخص بالغ يزن 70كجم تجعل وزنه 120كجم، وهذا من شأنه أن يبين مدى الدقة المطلوبة في تنظيم تناول الطعام للمحافظة على استقرار وزن الجسم.
   ومن المعتقد أن السمنة تنجم إما عن خلل استقلابي (خلل في التمثيل الغذائي)، أو عن ضغوط بيئية، أو اجتماعية.
    وقد تنجم البدانة أيضًا عن خلل في الغدد الصماء، أو عن أسباب نفسية واجتماعية متضافرة، تظهر على شكل إفراط في الأكل، وكثيرًا ما يتزامن حدوث الاضطرابات الاستقلابية، والضغوط البيئية، بحيث يكمل أحدهما الآخر فتتفاقم الحالة. وفي المقابل يرى كثير من العلماء أن الاضطراب النفسي الذي يفضي إلى الشراهة في تناول الطعام، والذي يتسبب في السمنة، قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات في عملية الاستقلاب أو التمثيل الغذائي، وبالتالي فمن المتعذر تفسير الاضطرابات الرئيسة في توازن الطاقة ـ في حالة السمنة ـ بأنها عبارة عن التغير في أحد العناصر، ولكن يظل واضحًا تمامًا أن الإفراط في الأكل هو أحد العوامل الرئيسة في حدوث السمنة.
وهناك تغيرات كيميائية حيوية تصاحب السمنة:
   أهمها تغير نمط استقلاب الدهون، إذ تزداد البروتينات الشحمية (نوع بيتا) في البلازما، والأحماض الدهنية الحرة، ويزداد تركيز الأنسولين في الدم زيادة كبيرة، مما يؤدي إلى تضخم البنكرياس، أو زيادة أنسجته، فيؤدي إلى زيادة إنتاج الأنسولين، والذي يتسبب في تكون الأحماض الدهنية في الكبد من المواد الكربوهيدراتية، وزيادة ترسب المواد الدهنية في الأنسجة الشحمية، وهذا يؤدي إلى ظهور أعراض مرض السكري، حيث تفقد مستقبلات الأنسولين الموجودة على الأنسجة الاستجابة للأنسولين (8).
ثالثًا: وجه الإعجاز في الحديث
1 ـ الإفراط في الطعام والشراب شر وخطر على صحة الإنسان:
   لقد أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هذه الحقيقة منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان في عبارة بليغة موجزة هي: (مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِنْ بَطْنٍ) وهكذا عرف هذا الشر بيقين في هذا العصر بظهور الأمراض الخطيرة المهلكة للإنسان الناتجة بسبب الإفراط في تناول الطعام، وذلك بعد تقدم وسائل الفحص والتشخيص الطبي الدقيق الذي أفضى لمعرفة حقيقة هذا الشر، وبينما كان علماء المسلمين يحذرون الناس من أخطار التخمة وكثرة الأكل عبر خمسة عشر قرنًا استنادًا لحديث نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان غيرهم يعتقدون أن كثرة الأكل مفيدة غير ضارة ويتسابقون في ملء البطون بالطعام والشراب؛ ففي إنجلترا يتحدث الطبيب (تشين) (1671 ـ 1743م) عن عقيدة البروتستانت في الإفراط في الطعام والشراب فيقول: (لست أدري ما عليه الأمر في البلدان الأخرى، ولكن نحن البروتستانت لا نعتبر الإفراط في تناول الطعام مؤذيًا ولا ضارٌّا، حتى إن الناس يحتقرون أصدقاءهم الذين لا يملؤون بطونهم عند كل وجبة طعام)، وبعد أن أدرك هذا الطبيب من بين جميع الأطباء المعاصرين له أخطار كثرة الأكل، حمل الأطباء المسؤولية في عدم إرشاد الناس لهذه الأخطار فقال: (والأطباء لا يدركون أنهم المسؤولون أمام المجتمع وأمام مرضاهم بل أمام الخالق، لأنهم يشجعون الناس على الإفراط في الطعام والشراب، ذلك لأنهم بهذا يعملون على تقصير آجال كثير من مرضاهم)(10).
   ولم ينتبه علماء أوروبا إلى هذه الأخطار إلا في عصر النهضة، فأخذوا يطالبون الناس بالحد من الإفراط في تناول الطعام وترك الانغماس في الملذات والشراب. فهذا أحدهم (لودفيك كارنارو) من البندقية يحذر أمّته من هذه الأخطار، حيث كان مما قال:
   (يا إيطاليا البائسة المسكينة! ألا ترين أن الشهوة تقود إلى موت مواطنيك أكثر من أي وباء منتشر أو حرب كاسحة؟)، (إن هذه المآدب المشينة والتي هي واسعة الانتشار اليوم، لها من النتائج الضارة ما يوازي أعنف المعارك الحربية)، (لذلك يجب علينا ألا نأكل إلا بقدر ما هو ضروري لتسيير أجسامنا بشكل مناسب)، (وإن أيــة زيــادة فيما نتنـاولــه من كميــات الطعام تعطينا سرورًا آنيٌّا.. ولكن علينا في النهاية أن ندفع نتائج ذلك مرضًا، بل موتًا في بعض الأحيان)(14).
   ولعل اكتشاف أمراض السمنة وأخطارها المهلكة وعلاقة ذلك بالشراهة وكثرة الأكل، يجعلنا نزداد يقينًا بعظم القاعدة الذهبية في حفظ الصحة البشرية المتمثلة في ترشيد الأكل والشرب والتي أرشد إليها قول الله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلا تُسْرِفُوا} (الأعراف31).
   مَن الذي أنزل على رسولنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ هذا العلم؟ إنه الله ـ جل في علاه.
2 ـ إقامة الصلب والحد الأدنى من الطعام
   تختلف الحاجة للطعام من إنسان إلى آخر، حسب طبيعة عمله، ومن وقت إلى آخر عند الفرد ذاته، لكن هناك قدر مشترك من الحاجة إلى السعرات الحرارية يتساوى فيها بنو البشر جميعًا على وجه الإجمال، وهو المعدل الثابت من الطاقة التي يحتاجها الإنسان البالغ والتي تستخدم في حفظ العمليات الحيوية الأساسية داخل الجسم كتشغيل القلب والجهاز الدوري الدموي، والجهاز التنفسي، والهضمي، والبولي، والعصبي، وتسيير العمليات الضرورية لحفظ الحياة لنقل الأيونات عبر جدر الخلايا، والإشارات المختلفة عبر الخلايا العصبية، وسائر العمليات والتحولات الكيميائية في التمثيل الغذائي، وهي تبلغ حوالي 2000 كيلو كالوري من السعرات الحرارية وتختلف حاجة الناس لأزيد من هذا حسب طبيعة أعمالهم، فتزيد للدارسين والباحثين وكل العاملين في المجال الفكري حوالي 500كيلوكالوري عن المعدل الثابت، بينما يحتاج الذين يمارسون أعمالاً شاقة؛ كرفع الأثقال وعمال البناء والمناجم وقطع الخشب مثلاً إلى حوالي 3500 كيلو كالوري، إضافة للمعدل الثابت في اليوم.
   وقد يشير الحديث إلى هذه الحقيقة فقد يكون ذكر اللقيمات لإقامة الصلب كناية عن هذا المعدل الثابت الذي يحتاجه الناس جميعًا، ويمكن أن يتحقق بالقليل من الطعام حيث تنطلق منه الطاقة على مرحلتين: الأولى: الطاقة المباشرة التي يعطيها الجرام من عناصره الغذائية، والثانية: ما يعطيه الجزيء منها من الطاقة المختزنة في مركبات الأدونيزين ثلاثي الفوسفات وأشباهه وهي طاقة هائلة كما بيّـنّا، وهذا يوضح الآن كيف خاض أولئك الرجال الأفذاذ من الصحابة الكرام ومن تبعهم الحروب والأهوال وكان زاد الواحد منهم حفنة من تمرات!
3 ـ ملء ثلثي حجم المعدة هو الحد الأقصى
  كما يمكن أن تندرج الزيادة في الحاجة للطاقة عن المعدل الثابت في إشارة النص في قوله : (فإن كان ولا بد فاعلاً فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه)، ويمكن أن تفهم هذه الزيادة من أول درجاتها إلى أعلى معدل لها والتي يحتاجها العاملون في الأعمال الشاقة ولا يتجاوز أعلى حجم للطعام والشراب ثلثي حجم المعدة.
   إن تحديد امتلاء ثلثي المعدة للطعام والشراب لهو غاية في الإحكام وهو أقصى درجات الشبع عند المسلم بناء على هذا الحديث، فإن هذا الحجم عبارة عن لتر كامل من الغذاء المطحون مع الشراب، والذي يمكن أن يكون أحد مكونات الطعام فيه من الحساء أو يكون عصيرًا أو ماءً قراحًا، وهو ما يعادل على الجملة أربع كاسات ماء من الحجم الكبير، وتلك ـ رعاك الله ـ كمية هائلة من الطعام في الوجبة الواحدة، فعلى المسلم ألا يصل إلى تناول هذه الكمية إلا إذا كان عاملاً في الأعمال الشاقة أو عندما تغلبه نفسه أو يقع في مأزق يضطره إلى تناول هذا القدر، بل عليه الاقتصار على أقل من ذلك تطبيقًا لنصيحة النبي الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعندما يطبق المسلم هذا الحديث بعناية فمع تحصيله الأجر العظيم لاتباعه سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه يمارس أيضًا أقوى وأنجع برنامج في التوازن الغذائي والتخلص من الوزن الزائد وأمراض السمنة وأخطارها.
4 ـ التوازن الغذائي
   تؤكد جميع الأوساط العلمية المهتمة بالغذاء وصحة الإنسان على ضرورة مراعاة التوازن الغذائي بين الطاقة المستهلكة، والطاقة التي يتناولها الإنسان من خلال الطعام وفي هذا الحديث إشارة واضحة لذلك. ويذكر العلماء أن الغذاء المتوازن يحتاج إلى قدر من المعلومات وحسن تخطيط(11)، والحديث يفيد ذلك كله بوضوح. والغذاء المتوازن لا يعتمد فقط على حجمه بل على نوعه، ويمكن تحديد كمية الطعام ونوعيته التي يحتاجها الفرد حسب نشاطه وعمله، بناء على المعلومات الآتية:
1 ـ لابد أن يحتوي الغذاء على عناصره الأساسية من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والماء.
2 ـ ينبغي أن تكون نسبة الكربوهيدرات في كمية الغذاء لليوم الواحد حوالي 60%، ونسبة البروتينات حوالي 15%، ونسبة الدهون حوالي 25%.
3 ـ تقسم كمية السعرات الحرارية اللازمة للشخص حسب طبيعة عمله من العناصر الثلاثة في الخطوة السابقة، على ما يعطيه كل جرام منها من السعرات الحرارية (إذ يمده الجرام الواحد من كل من الكربوهيدرات والبروتينات بـ 4,1 كيلو كالوري، ويمده الجرام من الدهون بـ 9,3 كيلو كالوري) وهكذا تحسب الكمية اللازمة بالضبط للفرد. وعليه يمكن التحكم في كميات الطعام التي نتناولها على علم وفهم، فإن كان الشخص يعاني من البدانة فليتناول كمية أقل منها ويسحب من مخزونه من الطاقة باقي الكمية اللازمة لإحتياجاته اليومية وبالتالي يمكن أن يتخلص الإنسان من السمنة بسهولة فبتطبيق هذا الحديث العظيم نتوقى الأخطار والمهالك مع تحقق المنفعة والفائدة لأجسامنا وأرواحنا. 
5 ـ امتلاء المعدة بالطعام يؤثر على أجهزة الجسم
  حينما تمتلئ المعدة تمامًا تضطرب مضخة التنفس ولا يصل كل الدم الوريدي غير المؤكسد إلى القلب بسهولة. وإذا لم تنقبض عضلة الحجاب الحاجز بالقدر المطلوب بسبب امتلاء المعدة سيؤدي ذلك بدوره إلى عدم قدرة الرئتين على التمدد الكامل؛ نظرًا لعدم إتمام اتساع القفص الصدري وبالتالي فلا يحصل تبعًا لذلك دخول الهواء بالحجم الطبيعي أو المدّي إلى الرئتين، وتتدخل عندئذ عضلات الطوارئ في إحداث تنفس عميق مما يؤدي إلى ضغط محتويات التجويف البطني لتفريغ مساحة لاتساع التجويف الصدري، وهذا بدوره يؤدي إلى شدة واضطراب يؤثر على جميع أجهزة الجسم المختلفة، أما إذا ترك ثلث المعدة أو أكثر منه فارغًا وهو ما يوازي حجمه حجم الهواء الطبيعي الداخل للرئتين (500 مل) فإنه بذلك يؤدي إلى تنفس انسيابي مريح وانصباب سهل للدم الوريدي للقلب وبهذا يظهر الأثر الضار لامتلاء المعدة على كل من الجهاز التنفسي والدوري عند الإنسان. كما أن امتلاء المعدة بالطعام يؤثر سلبًا على هضمه، حيث إن تمدد جدار المعدة يثبط نشاط عضلات هذا الجدار فيؤدي بدوره إلى تأخير وإعاقة الهضم(13).
6 ـ  ثلث المعدة يطابق تمامًا حجم هواء التنفس
  بالنظر والمقارنة بين أقصى حجم للمعدة يمكن أن تصل إليه وهو حوالي اللتر ونصف اللتر، وبين الحجم المدِّي للنفس الطبيعي للإنسان (Tidal Volum)؛ والذي يبلغ في العادة حوالي500 ملليمتر4من الهواء، يتبين لنا أن حجم الهواء الداخل إلى الرئتين يمثل ثلث حجم المعدة، وفي هذا إعجاز نبوي واضح حيث حدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه القياسات في زمن لم تُتَح فيه هذه الأجهزة الدقيقة التي تقيس حجم الهواء الداخل إلى الرئتين، وتحدد أقصى حجم لتمدد المعدة، وقياس الضغط بداخلها.
   فمن أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الحقائق؟ ومن الذي أعلمه بفائدة مراعاة هذه القياسات الدقيقة التي لم تكن قد عرفت في عصره أو حتى في عصور متأخرة بعده؟
  إنه الله القائل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى} (النجم 2 ـ 4).
المصدر: منقول عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة   www.nooran.org
الهوامش والمراجع

*     الكالوري معامل قياس ويعرف بأنه كمية الطاقة الحرارية اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة من 15 ـ 16 درجة مئوية، والوحدة الأكبر منه هو الكيلو كالوري ويساوي 1000 كالوري.
 1 ـ صحيح الترمذي ـ كتاب الزهد ـ حديث رقم 2302.
2 ـ سنن ابن ماجه ـ كتاب الأطعمة ـ حديث رقم 3340.
3 ـ مسند أحمد ـ مسند الشاميين ـ حديث رقم 16556.
4 ـ الطب النبوي لابن القيم ص 12.
5 ـ الطب النبوي للذهبي. ص67 ـ 69.
6 ـ فتح الباري ج 9 ص 438.
7 ـ حسان شمسي باشا، قبسات من الطب النبوي ص 52 ـ 57.
8 ـ عبد الجواد الصاوي، الصيام معجزة علمية ـ الطبعة الثانية مطابع رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة.
9 ـ كاثرين أنتوني وغاري ثيبودو تركيب جسم الإنسان ووظائفه.
10 ـ آلان كوت. الصوم الطبي النظام الغذائي الأمثل.
11 -Ross and Wilson (2001), Anatomy and Physiology, 9 Ed, Churchil livingstone.
12- Kathleen J W Wilson (1994), Anatomy and Physiology In Health and Illness,7Ed,EL BS with Churchil livingstone.
13 - Arthur C. Guyton(1991), Medical Physiology W. B. Saunders Company.
14 - Elaine N. Marib (1991) - Essentils Of Human Anatomy&Physiology.